من الصفات الإيجابية للشخص العقلاني، أن يعترف بتفوق خصومه وأن يصفق للعبة الحلوة لو صدرت عن هؤلاء الخصوم، وهو ما يجعلنا نصفق للعقل الغربي الذي نجح في أن يجعل طليعة شبابنا يتركون البناء في العمل أو الجلوس مع الأسرة أو العبادة في المساجد، ويصطفون صفوفا وراء صفوف على المقاهي لمشاهدة مباريات الدوريات الأوروبية، من قرأ تاريخ الأمم والشعوب يعرف أن تلك الظاهرة أكبر وأطغى حركة استعمار عرفتها البشرية، وهي أخطر وأهم من الاستعمار العسكري؛ لأن الاستعمار العسكري كان يأخذ مقدرات الناس وثروات أوطانهم قهرا بالسلاح، لكن في حالة الاستعمار الفكري هو يجعلك تخرج ما في جيبك عن طيب خاطر وتدفع اشتراكا باهظ الثمن لشركة تمتلك حق بث المباريات ويأخذ منك انتماءك بكامل إرادتك ويجعلك تترك مشاهدة أندية ومنتخبات وطنك وترتمي في أحضان هذه الدوريات المستوردة، وتدفع كل جنيه في جيبك على المقهى من أجل الصياح لهدف يحرزه لاعب لا تربطك به لا صلة الدين أو اللغة أو القومية، وهنا تتكدس أموالك لدى المشروع الغربي الذي يستخدمها للمزيد من سلبك عقلك ودينك وهويتك وقوت عيالك.