بعيدا عن إيران قريبا من غزة التي تقاوم
تابعنا في الأيام الأخيرة العدوان الإسرائيلي الإجرامي على قطاع غزة واقتحام المتطرفين اليهود الأرثوذكس المسجد الأقصى وعدد من المدن الفلسطينية معززين بجنود وآليات من جيش الاحتلال الصهيوني، ثم تابعنا خطب الجمعة العصماء من فوق منابر المساجد التي يقودها علماء الأزهر الشريف وخريجوه، تلك التي نددت بالخرق الإسرائيلي للقانون الدولي الإنساني واستهداف المدنيين ومحاصرة الأحياء السكنية برا وبحرا وجوا، ثم تأكد لدينا خمس حقائق مركزية في واقعنا الراهن وهي:
أولا: أن الأزهر الشريف بقيمه وعلمائه ورجاله سيبقى تحت قصف الأجهزة ووسائل الإعلام الدولية المعادية، والمحلية الممولة من القوى الاستعمارية، وسوف تواصل هذه الأطراف الطعن فيه واتهامه زورا وبهتانا بالتهم المعروفة رغبة منها في أن تبعد الأمة عنه؛ لأنه قاد ــ ولا يزال وسوف يظل ــ الفكر الإسلامي والعربي الحر والمستنير لمواجهة استبداد تلك القوى وغطرستها وأطماعها في ثروات أمتنا وفي مقدراتها.
ثانيا: أن إسرائيل كانت ــ ولا تزال وسوف تظل ــ العدو الاستراتيجي الأول - والأوحد - لأمتنا، وأن تلك القوى الدولية التخريبية مهما حاولت شغلنا عن إسرائيل بدول إسلامية أخرى في الإقليم، فإن مساعيها لن تنجح على المدى الطويل، حتى وإن بدا لها أنها أحرزت بعضا من النجاحات على المدى القصير.
ثالثا: أن أمتنا كانت ولا تزال وسوف تظل تتمتع بوعي شعبي صلب، وبقيادات فكرية راسخة، وبرأي عام عفي، وأن الأزهار الجدد من شباننا وشباتنا يعرفون الفارق بين العداء الاستراتيجي وبين المنافسة الاستراتيجية، وقد تأصل في جيناتهم العقلية جميعا - ولله الحمد - العداء الاستراتيجي تجاه إسرائيل.
رابعا: أن الإعلام المصري هو الإعلام الوحيد الذي قاد حملة موسعة لا هوادة فيها لكشف سلوك إسرائيل التخريبي والمزعزع للاستقرار من خلال توصيف ما حدث بأنه عدوان، وأن الذين ماتوا من أهل غزة هم من الشهداء، وأن إسرائيل تخرق القانون الدولي خرقا صريحا باستهداف المدنيين وقصفهم بأسلحة محرمة دوليا، وتجلى ذلك في اجتماعات الجامعة العربية برئاسة المندوبية المصرية، ثم مباحثات صيغة ميونخ للسلام بين مصر والأردن وفرنسا وألمانيا.
خامسًا: أن مصر بشعبها المتلاحم وجيشها العتيد وأزهرها الشريف كانت ــ ولا تزال وسوف تظل ــ الحاضنة الكبرى للقضية الفلسطينية، وأن تلك القضية ستظل بالنسبة لها في مكانتها المركزية التاريخية، وأنها قبلت عن طيب خاطر تحمل الطعنات من خلف ظهرها، وأنها حملت فوق طاقتها؛ لكنها راضية وعازمة على مواصلة ما بدأته جيلا من بعد جيل.