١- انتهيت مؤخرا من ختام الجزء الثاني الملحمي من مذكرات السيد/ عمرو موسى، الخاص بسنوات الجامعة العربية، ولأنني شاهد على بعض الروايات والأحداث الواردة فيه؛ فإن السطور التالية هي كلمات لابد منها وشهادة من باحث عرف عمرو موسى، معرفة وثيقة، وعمل بالقرب منه لنحو 5 سنوات (2007 ـ 2011) بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية ومقرها: 1 ميدان التحرير، وسط القاهرة.
٢- للمفارقة أصدر موسى الجزء الأول من مذكراته في مثل هذه الأيام تقريبا من العام 2017، وفيها خالف العادة، وأتى بغير المتوقع، وبحث عن الفرادة والتفرد وهو ديدنه فى كل ما يفعل، ذلك أنه عندما قرر اختيار عنوان لمذكراته الواسعة المطولة التى جاء الجزء الأول منها فى نحو 650 صفحة، وقعت عيناه على مفردة #كتابيه الواقعة فى الآية التاسعة عشرة من سورة الحاقة بالجزء التاسع والعشرين فى #القرآن_الكريم ونصها: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}.
٣- المؤكد أن العنوان وحده يكفي للغوص فى العقلية الاستراتيجية للدبلوماسى الأشهر، ويكفي لفهم طبيعة تفكير الرجل الذي جلس على أرفع مقاعد السلطة والسياسة في مصر والعالم العربى بدءا من عمله مندوبا لمصر بالأمم المتحدة (1968 ـ 1991) مرورا بتوليه منصب وزير الخارجية (1991 ـ 2001) ثم توليه منصب الأمين العام للجامعة العربية (2001 ـ 2011) وانتهاء برئاسته لجنة الخمسين لتعديل الدستور تلك التي أفرزت دستور 2014 الذى أقره المصريون.
٤- عليه فإن كل كلمة يكتبها عمرو موسى تحظى بالأهمية ذاتها التي يحظى هو بها، وتستمد زخمها من زخم تاريخه ومن زخم اسمه ومن زخم مكانته وذاكرته، ومن العلاقات المعقدة والمركبة التى كونها فى سني عمله المِهْنية، ومن شبكة علاقاته الدولية بأغلب قادة العالم، وأغلب المنظمات الدولية الكبرى.
٥- يكفينا للدلالة على تلك الخاصية رؤيته فى كل المناسبات التي تقيمها الهيئات الأممية حول العالم، بالرغم من خروجه من السلطة، وبالرغم من حلوله خامسا فى سباق انتخابات الرئاسة 2012، وبالرغم من انطوائه على نفسه فى السنوات الأخيرات، محاولا الاكتفاء بتسجيل التاريخ كما رآه ورواه.
٦- خلاصة الحديث عن عمرو موسى أنه رجل يحب الكاميرات ويعرف كيف يجعلها تحبه، وحتى كونه خارج دائرة الضوء وخارج دوائر صنع السياسة في الوقت الحالي؛ إلا إن الحشد الكبير الذى جلس في قاعة حفل توقيعه الكتاب، والحضور الكثيف من الشخصيات العامة في السلطة وخارجها، والكم الهائل من الكاميرات وميكروفونات الفضائيات والصحفيين، والشخصيات الدولية والعربية، يعطي انطباعا دلاليا على الموهبة التى مُنحها من الله.
٧- وكباحث عرفت عمرو موسى عن كثب، واقتربت منه طويلا، أدركت أنه رجل واسع الثقافة، وله معرفة عميقة بالشؤون الإيرانية، وآية ذلك أنه كان يطلبني خصيصًا لحضور مؤتمرات ما بعد لقاءاته بضيوفه الإيرانيين، ومنهم على سبيل المثال: علي لاريجاني، رئيس البرلمان الإيراني، وأشهد ــ بعقل بارد وبضمير مرتاح بعد ١١ عاما من ترك العمل معه ــ أنه رجل حصيف يجيد جذب الأضواء بشدة، وتكمن موهبته الكبرى فى أنه يفهم في الناس، ويغلّف عمله بقدرته التحليلية الفذة، ويتقن تعظيم الاستفادة من كل المواهب التي حوله، ويستطيع البقاء على قيد الحياة في حيز الإعلام وحيز التاريخ وحيز السياسة وحيز التأثير.
#تأملات_ليلية
#شؤون_إيرانية