ترامب يريد استسلاما كاملا من خامنئي وتحويله إلى شاه جديد أو إسقاطه من الخارج
1ــ تفاصيل المعركة بين أمريكا بالأيادي الإسرائيلية والجمهورية الإسلامية الإيرانية أكثر من أن تحصى، ومع ذلك هناك عناوين رئيسية لهذه المعركة تتكشف كل يوم وتلقي بظلالها على المشهد الراهن برمته، ويمكن من خلالها فهم الواقع ومحاولة استشراف المستقبل القريب.
2ــ من هذه العناوين الرئيسية تصريح تم تداوله على نطاق واسع حول العالم وهو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طالب سكان العاصمة طهران بإخلال المدينة بالكامل حفاظا على حيواتهم، ما يعني أن ترامب يوجه إنذاره الأخير إلى النظام الإيراني، خاصة أن هناك حالة نزوح بالفعل من سكان طهران إلى مدن الشمال والشرق، قزوين وجيلان وسمنان وغيرها.
3ــ يأتي هذا جنبا إلى جنب مع تسريبات في المواقع الأمريكية التابعة للوبي الإسرائيلي في واشنطن مثل "أكسيوس" حول وجود مباحثات للذهاب إلى الجولة السادسة ــ وربما الأخيرة ـــ من المفاوضات النووية التي قال ترامب بشأنها إنه لا يريدها كصفقة مع إيران ولكن يريد استسلاما كاملا من النظام السياسي.
4ــ هنا يمكن القول إن الولايات المتحدة حسمت أمرها بحيث أنها لا تريد أن يطول أمد الحرب بين إسرائيل وإيران أكثر من اللازم ولا أن تأخذ طابع الاستنزاف للشعب الإسرائيلي، ومن تصريحات دونالد ترامب يُفهم أنه بصدد إعداد إنذار نهائي للجمهورية الإسلامية من أجل قبول اقتراح المصالحة أو دخول الولايات المتحدة في الحرب لإنهاء الأمر بالسلاح الأمريكي المباشر غير المتاح حتى الآن للإسرائيليين.
5ــ تشير صيغة تدوينة ترامب ومجموعة الأخبار المتداولة المرافقة لها منذ الصباح الباكر (الثلاثاء 17 يونيو 2025) إلى أن اقتراح الاتفاق من ترامب لا يختلف اختلافًا جوهريا عن اقتراحه السابق قبل بدء العدوان الإسرائيلي فجر الجمعة (13 يونيو 2025)، فالرئيس الجمهوري يطالب بإزالة كاملة لدورة الوقود النووي داخل الأراضي الإيرانية، وتفكيك كل منشآت إنتاج الصواريخ الباليستية، ونزع كل سلاح تمتلكه الأمة الإيرانية انتزاعا طوعيا تحت تهديد الدمار، وذلك بطريقة قابلة للتحقق من قبل الخبراء الأمريكيين، جنبا إلى جنب مع خبراء من الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي هي خاضعة للسيطرة والنفوذ الأمريكي كليا.
6ــ إن قبول هذا الاتفاق الأمريكي المحتمل سيدخل الجمهورية الإسلامية في مرحلة من دورة تاريخها ومن كينونة نظامها السياسي والاجتماعي ستكون من حيث الإيديولوجيا والسياستين الداخلية والخارجية، والمواقف والشعارات والتحالفات، ذات شبه معدوم وغير متسق تماما مع ما كانت عليه خلال السنوات الست والأربعين الماضية بعد قيام الثورة الإسلامية لعام 1979م، بحيث يمكن تبسيط الأمور بعبارة واحدة وهي أن ترامب يريد من خامنئي أن يكون شاه إيران جديد خاضع كليا للإرادة والإدارة الأمريكية.
7ــ غير أن رفض إنذار ترامب يعني دخول الولايات المتحدة في الحرب بنية تحييد جميع الأهداف التي لا يمتلك الإسرائيليون القدرة ولا التقنية للهجوم عليها، بما يعني أن إيران أمام حالة مأساوية للغاية، واستثنائية جدا، وأكثر دراماتيكية من أي مرحلة أخرى عصيبة مرت على تاريخها الطويل، وهنا يبدو صانع القرار إزاء معضلة حقيقية وهي قبوله بتجرع أحد كأسي السم: إما الرضوخ والاستسلام الطوعي ووقف الحرب، أو التخلي عن الصبر الإستراتيجي ومواصلة المقاومة وإغلاق مضيق هرمز واستهداف المصالح الأمريكية، وبالتالي احتمالية إعادة خبرة إسقاط الاتحاد السوفييتي وتفكيك الدولة الإيرانية إلى دويلات.