الشاه قفز في الهواء من الفرحة ومصر دعمت الخميني...
سطور لا بد منها عن حقيقة موقف إيران من نكسة 5 يونيو 1967
1 ـ تحل اليوم الذكرى السابعة والخمسين لنكسة الخامس من يونيو لعام 1967م، وهي فرصة متجددة كل عام كي نعود إلى التاريخ ونعرف منه حقائق موقف إيران (الحكومة والشعب وآيات الله) من هذه الكارثة التي حلت بأمتنا الكبيرة وبجيشنا العظيم الذي "كان أحد ضحايا النكسة ولم يكن أبدًا من أسبابها".
2- ومن الواجب دائما سبر أغوار مواقف إيران تجاه القضايا الكبرى المتعلقة بتاريخ مصر وبحاضرها؛ نظرا لأهمية طهران وثقلها الإقليمي على مر العصور؛ لأن هذه المواقف تشرح لنا كثيرا من الألغاز الراهنة في العلاقات مع إيران، وتجيب عن سؤال الساعة: لماذا نجحت إيران في تحسين العلاقات مع مصر فى الوقت الراهن؟!
3 ـ بالبحث في فترة نكسة 1967 اتضح أن الشاه محمد رضا بهلوي لعب دورا كبيرا ومحوريا فيها دعمًا لإسرائيل؛ لأسباب تتعلق بعدائه الشخصي تجاه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وبكرهه الدفين تجاه مصر الكبيرة الذي كان يكره نفسه عندما يتأمل تضاؤله أمام شموخها وتاريخها العريق، برغم إنفاقه ببذخ على مظاهر العظمة والكبرياء لتعويض النقص الحاد في شخصه الضعيف.
4 ـ علاقتي الشخصية بالأسرة البهلوية لا تمنعني من ذكر تلك الحقيقة التاريخية الموثقة ولا التغاضي عنها؛ وواجبنا أن نعود إلى التاريخ ليس للتسلية ولكن للتعلم من دروس الماضي والاستفادة منها في تحليل الحاضر واستقراء المستقبل.
5 - يخطئ من يتوهم أنه قادر على شراء أو تحييد قلم مصري وأزهري، لأسباب تتعلق بمصالح الدنيا الفانية.
6 ـ من المهم التأكيد على تسمية أحداث الخامس من يونيو 1967 بـ"النكسة" وليس بـ"حرب الأيام الستة" أو "حرب 1967"؛ لأن الجيش المصري لم يحارب أصلا حتى ينهزم، بل تلقى غدرا كبيرا من عدد من الأطراف الدولية والإقليمية، وعلى رأسها نظام الشاه.
7 - ثم عندما قُدِّر لهذا الجيش العتيد أن يحارب في أكتوبر 1973 عَلّمَ الصهاينة والعالم دروسا لا تنسى في فنون الحرب والإستراتيجيات الحديثة.
8 ـ الأمر الأهم هو أن أحد أبرز أسباب تآمر الشاه ضد مصر يعود إلى موقف القاهرة الداعم لجبهات المعارضة الداخلية ودعم الزعيم جمال عبد الناصر للخميني بالمال ومن ذلك الإنفاق على أسرة علي خامنئي الذي سيصبح مرشدا لإيران، وذلك عندما كان معتقلا في سجون الشاه.
9 - ومن الواجب تعريف الأجيال الجديدة أن مصر هي التي دربت قادة المعارضة الإيرانية على حمل السلاح وحروب الشوارع والاستخبارات في أنشاص بمحافظة الشرقية، ومن بينهم مصطفى تشمران الذي سيؤسس الحرس الثوري في العام الأول لنجاح الثورة عام 1979م.
10 ـ كما أن من أسباب التآمر الإيراني ضد القاهرة هو موقف عبد الناصر الرافض تمام الرفض لاعتراف الشاه بإسرائيل، ومن المفارقات أن #طهران ستقطع علاقتها بمصر في 1979 على إثر معاهدة السلام في كامب ديفيد بين القاهرة وتل أبيب.
11 ـ النقطتان السابقتان ربما تكونا قد علمتا صانع القرار المصري أنه من الأفضل له عدم التدخل في الشؤون الداخلية لإيران إلا للضرورة الأخلاقية القصوى، وهو ما يفسر كثيرا من المواقف المصرية الحكيمة تجاه المعارضة الإيرانية عديمة التأثير في أوروبا وغيرها من القضايا المشابهة في السنوات الأخيرة.
12 - وفيما يخص النكسة، فقد قفز الشاه في الهواء من الفرحة عندما أبلغه وزير بلاطه أسد الله علم، بخبر سيطرة الصهاينة على سيناء والجولان، وهو الذي أورد ذلك في مذكراته التي جاءت تحت عنوان "الشاه وأنا".
13 - أما الشعب الإيراني الصديق والشقيق للشعب المصري فقد تلقى خبر النكسة بحزن بالغ، وخطب آيات الله في الناس للدعاء لمصر وسوريا، وكان موقف الشعب والمعارضة من آيات الله على النقيض تماما من موقف الشاه المخزي والمخيب لآمال مئات الملايين من العرب والمسلمين حول العالم.
14 ـ مبكرًا أدركت إيران جيدا مكانة مصر المحورية والمركزية عربيا وإقليميا؛ ولذلك سعت ــ ولا تزال وسوف تظل ــ إلى تطبيع العلاقات معها، وهذا الأمر يتكرر بصور مختلفة منذ 1967 وحتى الآن.
15 ـ في المجمل أدرك الإيرانيون والإسرائيليون أن المصريين في 5 يونيو 1967 وما بعدها "ظلوا محتفظين برؤوسهم عالية في السماء وقت أن كانت جباههم تنزف الدم والألم والمرارة" ولم يهدأ لهم بال إلا بعد تحرير أرضهم في 6 أكتوبر 1973م.
16 ـ ما أعلاه مختصر شديد لمحصلة خبرة بحثية ميدانية موسعة، ونتائج دراسة مطولة عن الموقف الإيراني من نكسة الخامس من يونيو 1967 اعتمدت فيها على الوثائق الأمريكية والإيرانية وكذلك عدد وافر من الدراسات والكتابات العربية والإيرانية والغربية، وشهادات شهود عِيان كانوا جزءا من صنع هذا التاريخ.