شرح مبسط للفارق بين المحافظين والإصلاحيين وعلاقة ذلك بالانتخابات الرئاسية الإيرانية 2024
1ــ واحد من أكثر المصطلحات المستخدمة عند الحديث عن إيران هو مصطلح "المحافظين" أو "الإصلاحيين" ونظرا لتكرار ترديد المصطلحين تلقيت عددا من الأسئلة عبر صندوق الرسائل ومن أصدقاء هذا الحساب يريدون تعريفا واضحا ومحددا للفارق بين المصطلحين.
2ــ لشرح ذلك يجب سرد حكاية تطور الثورة الإيرانية وتطور فكر الثوار الذين أزاحوا الشاه عن السلطة عام 1979، ثم بدأ البعض منهم يفكر في ضرورة الانتقال السريع من الثورة إلى الدولة، أو من المبادئ العامة الجامدة التي قامت عليها الثورة إلى المنافع البرجماتية المرنة فورا.
3ــ في ذلك الوقت انقسم السياسيون الإيرانيون إلى معسكرين أحدهما ينادي بضرورة الدفاع عن الحلفاء والأصدقاء ومعاداة أمريكا وإسرائيل ودعم حركات التحرر، وتزعم هذا التيار 3 رجال هم آية الله حسين منتظري الذي كان في ذلك الوقت نائب الإمام الخميني، وآية الله محمد بهشتي رئيس السلطة القضائية الذي تم اغتياله فيما بعد، فضلا عن مير حسين موسوي رئيس الوزراء الإيراني في ذلك الوقت.
4ــ على الجانب الآخر تشكل محور جديد بين الساسة الإيرانيين يرى هذا المحور بضرورة التخلي نوعا ما عن دعم الأصدقاء والحلفاء وحركات التحرر وضرورة انفتاح البلاد على المجتمع الدولي والتخلص من الثوريين الموغلين في الثورية من أجل الانتقال بالبلاد من فكر الثورة إلى فكر الدولة.
5ــ وتزعم هذا التيار رئيس الجمهورية، آية الله علي خامنئي، ورئيس البرلمان آية الله هاشمي رفسنجاني، وساعدهما الشبان الأقوياء في مؤسسة الحرس الثوري ومنهم: رفيق دوست ومحسن رضائي اللذين سيتقلد كل منهما قيادة الحرس الثوري فيما بعد.
6ــ وفق الصورة أعلاه، يتضح أن الذين ينادون بالمغالاة في معاداة الغرب ودعم حركات التحرر والانغلاق على الذات هم "محافظون" على قيم الثورة، بينما الفريق الآخر هم "إصلاحيون" يبتغون التخفف من القيود الإيديولوجية الصارمة التي فرضتها الثورة وفرضها نجاحها في إسقاط الشاه.
7ــ وقد نجح الفريق الثاني "الإصلاحي" في الفوز بمعركة الانتقال بإيران من الثورة إلى الدولة ونجحوا في تحييد الفريق الأول بالكامل تقريبا، وقاموا بعزل آية الله حسين منتظري نائب الخميني، ثم سيطروا على مفاصل السلطة وأدى الأمر في النهاية إلى وضع مير حسين موسوي تحت الإقامة الجبرية بعد ذلك في عام 2009، وساعدتهم الظروف على تغيب آية الله بهشتي الذي لقي مصرعه في حادثة اغتيال شهيرة يوم 28 يونيو عام 1981.
8ــ ولقد قاموا بما هو أهم حين ألقوا القبض على، مهدي هاشمي، شقيق صهر آية الله حسين منتظري، وحاكموه وأعدموه بتهم متعددة منها قتل عالم الدين أبو الحسن شمس آبادي خلال فترة حكم الشاه، وإرسال قنابل مع وفود الحجاج إلى السعودية وبالتالي اتهموه بتأزيم العلاقات الإيرانية ــ السعودية، ومحاولة اغتيال أحد الدبلوماسيين السوريين في طهران وبالتالي اتهموه أيضا بتأزيم العلاقات الإيرانية ــ السورية.
9ــ ثم تطورت الأحداث بوفاة الخميني 3 يونيو عام 1989 وتولى الرئيس "الإصلاحي" علي خامنئي منصب المرشد بعد الخميني، وتولى رئيس البرلمان "الإصلاحي" هاشمي رفسنجاني منصب رئيس البلاد بعد خامنئي وتم تعديل الدستور بعد نحو أقل من شهرين على وفاة الخميني وتحديدا في 28 يوليو 1989 ليجمع الرئيس للمرة الأولى بين منصبي رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، وبالتالي نجح الفريق الثاني في إخراج مير حسين موسوي خارج المشهد تماما وإلى الأبد.
10ــ ما يعنينا الآن ونحن نفتح صفحة بيضاء للتأريخ لوقائع الانتخابات الإيرانية الرئاسية 2024 وتحليلها، الإجابة عن سؤالين: هل المرشد الإيراني الحالي علي خامنئي هو شخصية محافظة أم إصلاحية؟ الإجابة: قطعا هو شخصية إصلاحية، وإلا ما كان تمكن من البقاء في السلطة رئيسا ومرشدا طوالي نحو 45 عاما. والدليل أيضا: أنه شارك في فضيحة إيران كونترا حين اشترت إيران السلاح من إسرائيل، والدليل أيضا أنه أعطى الضوء الأخضر للتفاوض مع الغرب وتوقيع الاتفاق النووي.
11ــ وغيرها عشرات الدلائل في هذا السياق، ما يؤكد أنه (أي علي خامنئي) أكثر الأشخاص في السياسة الإيرانية انفتاحا وبرجماتية على عكس ما تم إقناعنا به من جانب الكتابات الغربية التي ترد إلينا مثل موج البحر طوال العقود الأخيرة وأغرقتنا في خرافات عدم فهم إيران.
12ــ أما السؤال الثاني ونحن الآن أمام 5 محافظين وإصلاحي واحد.. ما الذي يمكن أن يتغير حال فور أحد المحافظين الخمسة أو الإصلاحي مسعود بزشكيان؟ الإجابة: لا شيء سوف يتغير، فالدولة بقيادة "الإصلاحي" علي خامنئي ستواصل سياسة الانفتاح الإقليمي وتصفير المشاكل ومعالجة الخلافات مع الشرق والغرب معا.