إيران أعلنت رسميا الذهاب إلى التفاوض مع الإدارة الأمريكية بصيغة غير مباشرة ويقود وفد التفاوض وزير الخارجية عباس عراقجي وهو خبير في التفاوض النووي إذ كان رئيس فريق التفاوض في عام ٢٠١٣ وما بعدها.
ومعنى وجود عراقجي بنفسه في مسقط يوم السبت هو احتمال تحول المفاوضات إلى الصيغة المباشرة التي أعلن عنها ترامب.
إيران إذ تختار الحل الوسط في صراعها مع أمريكا
في إيران دار جدال وسجال واسع النطاق في الأسابيع الأخيرة حول موضوع التفاوض مع أمريكا بين خندقين شديدي البأس ومتعددي الأدوات.
أولا: خندق المحافظين كان يرفض تماما الذهاب إلى التفاوض للاعتبارات التالية:
ــ ترامب لا يلتزم بالوعود والعهود.
ــ ترامب خرج من الاتفاق عام 2018.
ــ ترامب وقع عقوبات على البلاد أضرت للغاية بمركزها المالي الداخلي والخارجي.
ــ ترامب يده ملوثة بدماء قاسم سليماني.
ــ إيران ليس لديها أوراق ضغط تطرح على الطاولة على غرار أدوات 2013.
ــ يمكن للرئيس الإيراني أن يتعرض لما تعرض له الرئيس الأوكراني.
ثانيا: خندق الإصلاحيين كان يريد الذهاب إلى تفاوض مباشرة رأسا مع أمريكا للاعتبارات التالية:
ــ لا حل للمشاكل الاقتصادية إلا بالتفاوض مع أمريكا.
ــ وضع النظام الدولي حتى الآن يشير إلى أن أمريكا متحكمة في كل مفاصل الاقتصاد العالمي.
ــ من المبكر جدا الاعتماد فقط على دول الجنوب العالمي في مواجهة النفوذ المالي الأمريكي شديد التأثير والتحكم.
ــ الأزمات الاقتصادية يمكن أن تؤدي إلى انفجار اجتماعي داخلي كبير لا يعرف أحد خطورته إلا الله.
ــ يمكن لإيران أن تفاوض أمريكا بكروت اقتصادية مثل أن تمنحها حصرا حقوق الاستثمار في البلاد بدلا عن أوروبا التي استحوذت على كل الصفقات عام 2015.
ــ بعد خسارة غزة وتراجع حزب الله وخسارة سوريا فإن التفاوض يحمي إيران من مصير بشار الأسد.
على ما سبق يشير الوضع الراهن إلى أن المجلس الأعلى للأمن القومي المخول حصرا بالبت في مثل تلك القضايا المتعلقة بالحرب والسلم والتفاوض وخلافه، حسم أمره وقرر الذهاب إلى حل وسط.
الحل الوسط يقوم على:
لا لرفض التفاوض ولا للذهاب إلى تفاوض مباشر.
هذا الحل الوسط يجمع بين تفادي تخوفات كل من الإصلاحيين والمحافظين وينهض على الذهاب إلى التفاوض غير المباشر الذي يمكن أن يرتقي إلى تفاوض مباشر.
يمكن أن يرتقي التفاوض إلى صيغة مباشرة للاعتبارات التالية:
ــ يرأس وفد التفاوض وزير الخارجية شخصيا بأعلى صلاحيات ممكنة وهو الرجل الموثوق من الإصلاحيين والمحافظين على حد سواء.
ــ إن قدمت أمريكا في أولى الجلسات بوادر تحفظ لإيران ماء وجهها أمام الرأي العام الداخلي والحلفاء والشركاء الإقليميين وتخلت عن نبرة التهديد.
ــ إخراج إسرائيل من المعادلة تماما.
ــ الاكتفاء بالتحدث عن البرنامج النووي حصر كإطار عمل في الجولات الأولى.
ــ عدم إشراك أي دولة إقليمية في صيغة التفاوض ولا حتى بصورة مراقب.
ــ عدم التعجل الأمريكي في التوصل إلى اتفاق يستغل إعلاميا للدعاية السياسية المحلية في واشنطن.
ــ الرغبة الأمريكية العارمة في اختصار الوقت وتفادي أخطاء صيغة مفاوضات فيينا المتعلقة بمحاولة إعادة إحياء اتفاق 2015.
ثم إن الجميع سينتظر إلى يوم السبت ليرى ما الذي ستسفر عنه الجولة الأولى من المفاوضات.