١- يلاحظ المتابع لبعض مراكز الفكر الأمريكية الممولة من الجمهوريين أو من اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، محاولة حثيثة للربط بين النظام البعثي السابق بقيادة الرئيس العراقي صدام حسين، وبين نظام ولاية الفقيه الحالي في إيران بقيادة آية الله علي خامنئي.
٢- يهدف هذا الربط (في ظاهره) إلى الاستفادة من خبرات الولايات المتحدة الأمريكية التاريخية مع صدام حسين في الفترة بين تحرير الكويت ١٩٩١م، وبين الاحتلال الأمريكي للعراق ٢٠٠٣م، وإسقاط تلك الخبرات على النظام الإيراني الحالي.
٣- يقود هذا الاتجاه التحليلي عدد من الباحثين، أبرزهم: مايكل آيزنشتات وكريستيان ماكفان وفرزين نديمي، ويحاول أصحاب هذا المنحى استخدام التاريخ كأداة تأسيسية لما يجب أن يكون عليه تعامل الرئيس جو بايدن مع إيران في الأشهر المقبلة وتحديدا تجاه المباحثات الثنائية المفترضة حول البرنامج النووي.
٤- يعكس هذا الاتجاه التحليلي فهما أمريكيا خاطئا للنظام الإيراني الراهن بقيادة آية الله علي خامنئي؛ لأنه من الغريب بل ومن المدهش رؤية أي باحث لمشتركات - كلية أو تفصيلية - بين سلوكي صدام حسين وعلي خامنئي.
٥- أخذا بحسن النوايا وافتراض أن هذا الخطأ الكبير غير مقصود ولا يتعمد من ورائه محاولة توريط بايدن في سياسات عنيفة تجاه إيران، فإن الواجب قوله إن هناك اختلافا كبيرا وعميقا بين صدام وخامنئي من حيث الجوهر ومن حيث طبيعة التفكير ومن حيث آلية اتخاذ القرار.
٦- أثبتت كل الوقائع في السنوات التي تلت ١٩٨٩ منذ تولي خامنئي منصب ولاية الفقيه في إيران قدرته العالية على ضبط إيقاع علاقاته مع الغرب وتحليه الشديد بأعلى قدر من البرجماتية والواقعية، ولعل الكل يذكر اصطلاح "الدبلوماسية البطولية"، وهي صفات لم يكن يتصف بها الرئيس صدام حسين.
٧- سابقا أعطى خامنئي الضوء الأخضر لخاتمي وروحاني للتفاوض مع الغرب، والسبب في ذلك بسيط وهو أنه يدرك أن نظامه قائم على العدائية الشديدة للغرب، لكن السبيل الوحيد لمواصلة العداء هو التفاوض والاقتراب؛ لأن مزيدا من العداء يعني مزيدا من توجه الغرب لإسقاطه، وبناء عليه ليس من المتوقع أن يسمح خامنئي بأن يتفلت من بين يديه زمام المفاوضات مع الغرب وسيقدم تنازلات للعودة إلى مائدة المفاوضات في فيينا شريطة أن تتشبث إدارة بايدن بموقفها الصلب الراهن من المفاوضات.