في نهاية اليوم السابع من الحرب الأمريكية بالأيادي الإسرائيلية على إيران، يتعين على دول الشرق الأوسط، شعوبا ونخبا وحكاما ومحكومين، تعلم الدروس واستخلاص العبر، فمن المفترض أن تغير هذه الحرب من مواقفنا تماما إزاء الإعلام الأمريكي بكتابه ومذيعيه ومحلليه، أولئك الذين لا يعملون إلا وفق أجندة محددة وجدول أعمال مسبق، لكن تحت شعار حرية الرأي والتعبير، وكل هذه الخزعبلات وشغل الثلاث ورقات، وقد ساهم هذا الإعلام في خطط خداع مركبة ومعقدة للتلاعب بعقولنا وشوش على تحليلنا للحوادث طيلة الشهور التي سبقت الحرب. على سبيل المثال ركز الإعلام الأمريكي بكثافة على البعد النفسي للرئيس ترامب وردد وعاد وزاد في أن ترامب رجل أعمال وصفقات لا يحب الحروب ثم إنه يطمح في أن يحصل على نوبل للسلام، ولا يمكن له أن يشن حربا في الشرق الأوسط، وبالتالي وقعنا جميعا ـ ولا أعفي نفسي من الزلل ـ في شراك هذا الوهم التحليلي، لدرجة أن كل التقارير التي قرأتها شخصيا في الإعلام الإيراني حتى يوم الخميس 12 يونيو 2025 أي قبل العملية الإسرائيلية بساعات، بُنيت على تقديرات استخباراتية إيرانية أنه لا حرب على الإطلاق، وحتى في أسوأ الظروف فإن الحرب ستكون بعد الجولة السادسة التي كان مقرر لها يوم الأحد 15 يونيو 2025، وبالتالي استنامت إيران واستنام الجميع إلى أنه لا حرب في الأفق، بينما كان ترامب بإعلامه وصحفه ومحلليه واستخباراته يتجهز للانقضاض على إيران وتخليص إسرائيل من الخطر الوجودي قبل الأخير على كيانها الهش.
لذا وجب الاعتذار والتعلم من دروس الحاضر وتطبيق ما تعلمناه على وقائع المستقبل وعلى كلماته المتقاطعة المفعمة بالأحجيات.