1 ـ مؤخرا نشر بعض مستخدمي فيسبوك منشورات حول علاقة الرسول ﷺ بالنساء يرى أصحابها أن سبب تعدد زيجات الرسول حبه المفرط الشهواني للنساء.
2 ـ غالبا يقع أصحاب هذا النوع من المنشورات في مشكلتين، الأولى: أن حقائق العلم لم تصل إليهم إما تقصيرا منهم في البحث والمطالعة، وإما تقصيرا من العلماء والكتاب والدارسين المتخصصين في توضيح هذه الأمور. والثانية: أنهم يتعاملون مع النبي ﷺ كونه شخصية تاريخية وليس شخصية مقدسة.
3 ـ من مصلحة المؤمنين بالرسول أن يعاملوه كونه شخصية دينية مقدسة؛ لأن ذلك سيرفع مكانتهم ودرجتهم عند الله، لكن من مصلحة الرسول نفسه أن يعامله الجميع كونه شخصية تاريخية.
4 ـ لو عاملنا الرسول على أنه شخصية تاريخية شأنه شأن أي حكيم أو مصلح اجتماعي أو فيلسوف؛ فسوف نكتشف بسهولة أنه عظيم، وأعظم بأشواط كثيرة من أي شخصية أخرى ظهرت في التاريخ.
5 ـ هذه الحقيقة توصل إليها المفكرون الغربيون أنفسهم وأشهرهم الفيلسوف الإنجليزي الذائع توماس كارليل Thomas Carlyle (1795 – 1881م) الذي قال إن محمدا أعظم بطل في التاريخ، فضلا عن العالم الأمريكي اليهودي مايكل هارت Michael Hart الذي قال إن "الخالدون مئة أعظمهم محمد".
6 ـ لو كان الرسول رجلا مزواجا ويحب النساء لما ظل عَزَبَا (أعزب غير صحيح لُغويا) من غير زواج حتى بلغ 25 عاما، وهو شاب من قريش كان أقرانه يتزوجون في سن العاشرة تقريبا، أي أنه ظل 15 عاما بعد البلوغ لم يقترب من النساء.
7 ـ في الثقافة العربية يكون المرء مشهورا بسمعة ما: فلان زير نساء.. فلان ماكر ومخادع.. فلان رجل حرب وشجاع.. أما الرسول فلم تكن شهرته إلا أنه صادق أمين، ولم يقل أحد من قومه إنه زير نساء.
8 ـ حتى بعد أن جاءته الرسالة وبدأ في الجهر بدعوته الشريفة، لجأ الكفار في قريش إلى الطعن فيه. فماذا قالوا؟ قالوا إنه ساحر وكاذب وشاعر. والغريب في الأمر أن أحدا منهم ـ وهم ألد خصومه ـ لم يقل إنه زير نساء مثلا.
9 ـ تزوج الرسول السيدة خديجة رضي الله عنها (لم تكن بكرا) وهي ابنة 40 عاما، بينما هو كان ابن 25 عاما، ولم يُعرف عن أم المؤمنين السيدة خديجة أنها كانت فائقة الجمال، وظل زوجا لسيدة واحدة حتى رحلت في عام الحزن وهو العام العاشر للبعثة وكان عمره 50 عاما.
10 ـ قضى الرسول 50 عاما من عمره نصفها بلا زواج أصلا، والنصف الآخر من زوجة تكبره في العمر، وكان يتركها أغلب الوقت ويقضي النهار في العمل، والليل في التعبد في الغار، إذن هل هذه حياة رجل زير نساء؟!
11 ـ لو افترضنا جدلا أن الرسول بعد وفاة السيدة خديجة جمع بين 9 نساء لأسباب جنسية بحتة، ماذا سيفعل رجل متزوج من كل هذا العدد من النساء؟! الإجابة: سيقضي الليل كله برفقتهن وسيقضي النهار كله نائما من التعب.
12 ـ لكن الحقيقة أنه كان يقضي أغلب الليل متعبدا، ويقضي كل النهار في إقامة دعوته وتعليم أصحابه وتأسيس الدولة الإسلامية وفي الغزوات والحروب والفتوحات وغيرها من أمور الدين والسياسة.
13 ـ السيد المسيح عليه السلام لم يتزوج ومع ذلك لم نسمع أحدا يقول إن لديه قصورا جنسيا undersexed وبالتالي فإن تعدد زيجات الرسول ليس دليلا على نزعته الإروتيسية (الإفراط الجنسي) oversexed ومن الواجب معرفة أن أغلب أمهات المؤمنين اللواتي تزوجهن الرسول كن كبيرات في السن ولم يكن على قدر من الجمال وكانت تلك الزيجات لأسباب اجتماعية وسياسية ضرورية لتأسيس الدولة.
14 ـ بقى السؤال الأهم: هل كان الرسول يكره النساء أو زاهدا كليا فيهن؟ الإجابة: بالطبع لا. فقد كان يحب النساء كأي رجل متوازن، وهو بنفسه أكد ذلك في قوله: "حبب إلي من دنياكم ثلاث، الطيب والنساء وجعلت قرة عيني في الصلاة".
15 ـ بالرغم من أن فعل الرسول لم يكن يصدر عن الهوى وأنه وحي يوحى كما جاء في سورة النجم؛ إلا أن الرسالة المبطنة من زيجاته أن الإيمان الكامل يكمن في الصوم والإفطار والزواج من النساء والتجارة وكسب المال. كانت رسالته بكل بساطة: إذا أردت أن تكون مؤمنا نافعا لدينك فعش حياة متوازنة لا تكن راهبا ولا تكن مفرطا في الاستجابة للذات الجسد.