وهي ماتت معاهم؟!
- ما هو الرعب إنه جوخدار اختفت تماماً، كانت كل جثث العيلة موجودة ما عدا هي، وبيقولوا إنُّه ده بسبب اللعنة.
- فيه حاجة غريبة ولازم أعرفها، مش ممكن يكون في لغز يكشفلنا الموضوع ويكون في تفسير واقعي؟
- طيب وهنعرف ازاي الموضوع ده؟!
سيبي الموضوع عليا يا حاجة، بس عاوزة منك حاجة لو حصل معايا أي حاجة غريبة اتصلي على البوليس فورًا، تمام!؟
- اللي تشوفيه يا بنتي بس خليكي الليلة دي باتي عندي علشان أطمن عليكِ.
رجعت مريم للشقة ومعاها قسم من أغراضها للتمويه، وابتدت تتصرف بالشقَّة كأنه ما لقيتش مكان تبات فيه أو تروح تقعد فيه.
وكانت المرة دي بتركِّز بكل التفاصيل، وقررت إنَّها تمسح الأغراض القديمة وتقلبها وتشوف الزوايا.
المرة دي شافت صور كتيرة للبنت جوخدار وكانت شبه البنت اللي شافتها على الرصيف وواقف جنبها أمير وبيحتضنها وباين على وشهم الحب والسعادة، كانت اللقطات مأخوذة من أكتر من مكان في الشارع ده بس باين من عمر الصور والأبنية إنها قديمة أوي.
- لازم أعرف إيه هي حكاية جوخدار مع أمير قصر شامبليون وحالًا لكن مش من هنا من القصر.
أخدت الصور وجهزت نفسها علشان تطلع برا البيت وفي اللحظة دي أُغمي عليها وغابت عن الوعي تدريجيًا.
صحيت بعد ساعات طويلة وهي بتشم ريحة ورود وعطورات باريسية قديمة، لقيت نفسها فوق السرير بس مربوطة بقوة، المرة دي كانت مش خايفة علشان هي كانت واثقة إنَّها بتتعامل مع إنسان زيها مش شبح، ويمكن يكون الشبح ده هو حفيدة جوخدار أو حتى حد من قرايبينها ويمكن بنتها.
فكرت شوية قبل ما تتكلم، وحاولت إنها تحرر نفسها وتقوم من مكانها بس كانت مربوطة وبقوة كمان، علشان كده قررت تتكلم مع اللي قعد برا مين ما كان يكون أو كانت شخصيته.
-على فكرة يا بنت إنتِ أنا شايفة إنِّك شبه جوخدار كتير أوي ويمكن تكوني بتحبي الورد والطبيعة زيِّها.
مش عايزة تتكلمي أو تواجهيني إنتِ ليه عاملة نفسك شبح وبتتعاملي مع نفسك ومع النَّاس على إنِّك أسطورة؟!
صوت خطواتها والكعب عرفوا مريم إنه كلامها استفز الإنسانة اللي قعدة برا وخلاها تقوم من مكانها وتيجي لعندها.
- أنا مكنتش عايزة يحصل كل ده بس دماغك الناشفة وتجرؤك عليا خلاني أفقد السيطرة يعني أنتِ إيه ما عندكيش دم؟!
حاولت بكل الطرق أخليكِ تطلعي برا الشقة وتبعدي خالص بس ولا كأنه في حد هنا، بقيتي متنحة وعايزة تستمري معايا، أنتِ مالك ومالي عايشة زي الأشباح ولا زي الخلق والنَّاس.
- طيب ممكن أعرف مين اللي عمل معاكي كل المجهود دا؟!
- وأنتِ مالك أنتِ يا سورية، أقولك حاجة روحي ارجعي لبلدك أحسن ما أنتِ حاشرة مناخيرك في قصص مالكيش دعوة فيها.
- زي قصة حب الأمير لجوخدار والكنز المرصود اللي بتحاولي تطلعيه؟!
كانت لسة هتطلع من الأوضة لما رجعتلها تاني ومسكت في رقبتها وخنقتها، وبقيت بتطلع فيها بكل عدوانية وحقد.
- أنا شكلي هبتلي فيكِ وأقتلك يا فاجرة إنتِ...
في اللحظة دي سمعوا تخبيط على الباب وأصوات كتيرة، ماعرفتش هي تحاول تهرب ولا تحرر مريم، بعدت عنها وكانت لسة بتجري لناحية البلكونة لتتخبى لما الباب اتكسر والبوليس دخل وقبض عليها، وطبعًا حرروا مريم وقبضوا على حفيدة جوخدار اللي كانت بتحمل نفس الاسم.
- حضرة الضابط ممكن أحضر القصة والسبب اللي خلاها تعمل كده؟!
- لا طبعًا دي تحقيقات ونيابة، بس علشان تعبك وإنها خطفتك هوضحلك سبب كونها كانت قعدة في البيت زي الأشباح.
جوخدار البنت دي بتهرب آثار لبرا البلد، وكانت بتستغل وجود شقِّة العيلة في الشارع نفسه اللي فيه القصر القديم.
بقالنا أكتر من سنة بنحاول نُقبض عليها أو على الشخص اللي بيسرق الآثارات من غير ما نشعر.
& طب هي بتعمل كده علشان الفلوس ولا في حاجة تانية؟!
- يافندم دول بيعملوا كده علشان الفلوس مش أكتر من كده، هيكون فيه إيه؟!
- لو سمحت اديني حق إني أسألها سؤال واحد وبس قبل ما تعتقلوها.
- طيب تمام اتفضلي.
أعدت مريم جنب جوخدار اللي كانت نسخة عن جدتها بصفاتها وملامحها، كانت قعدة بكل تكبُّر ورافعة رأسها لفوق وبتكابر على جرحها وما بتبصش لحد.
- جوخدار أنا واثقة إنِّك مش من النَّاس اللي بتهرب آثار ليه عملتي كده؟!
- ما أنا قولتلك إنُّه ما تحشريش أنفك في حياة غيرك، أنتِ بتسألي ليه؟!
- علشان أنا عرفت مكان المخبأ السري والقصة الكاملة لحكاية جدتك منه المخبأ ده...
لما الأمير عبد الناصر حب جوخدار قدملها مجوهرات كتيرة وهدايا نفيسة بس الملكة ماوافقتش على زواج الأمير من بنت من عامة الشعب مهما كان حالة عيلتها أو غناها، كان عندها مبدأ بالزواج من الدم الملكي ودي كانت عادات أغلب العائلات الملكية.
بس الأمير ماقبلش يتخلى عن حبه ليها و تزوجها بالرغم من كل شيء وكان في حرب كبيرة بين الأمهات، وأم جوخدار أشاعت في البلد إنُّه عملت رصد للمجوهرات والفلوس والحقيقة إنه جوخدار هربت بالفلوس والمجوهرات وطلعت برا البلد، وعلشان الأم الملكة تنتقم قتلت العيلة والشاهدين على الجريمة واللي هما أم إسماعيل وزوجها.
جوخدار اتزوجت وخلفت وبقى عندها تار إنه تنتقم لعيلتها اللي ماتت بسبب الحب ده، وإنتِ رجعتي علشان تنتقمي بس من ناس توفت خلاص!!
- ما أنا كنت بعيش كل حاجة وكأنها حقيقية وبحس إن كل اللي بشوفه وبحسه حقيقي إزاي يعني عملتي كده؟!
- علشان أنا درست إخراج وتمثيل في نيويورك قبل ما أرجع لمصر، ولمَّا لقيت دماغك ناشفة ابتديت أجهز لكل حاجة بالراحة وواحدة واحدة جوا الأوضة السرية اللي شوفتيها بالبلكونة، وأقنعت ممثلين كومبارس اني بعمل مقلب بصاحبتي، وهم فعلًااقتنعوا واشتغلوا معايا.
وبكده تكون الحكاية بتاعتي خلصت، بس اللي كنت عايزة أقوله بأنُّه الأشباح والأرواح الشريرة مجرد حكايات وروايات من نسج الخيال مش أكتر من كده، وبأن العالم الآخر موجود بس مش بالشكل اللي أنتوا متخيلين وجوده فيه.
القصص والحكايات اللي بتسمع عنهم أو بتشوفهم في الأفلام والمسلسلات هم مجرد أساطير وحكايات مش حقولك إنها خيالية إنما مبالغ فيها.
قصر شامبليون موجود في شارع شامبليون وفي كتير ناس بتقول إنه بتشوف أرواح ساكنة جواه، أو حتى أرواح لسة محبوسة فيه من زمن الأمراء والملوك، وهو من أجمل الآثارات الموجودة جوا القاهرة.
اختلاف الملوك والأمراء والحروب الباردة كانت فعلًا بتحصل، أما عن قصة الدم الملكي، فهي كانت فعلًا الملكات مش تبقبل ببنات من عامة الشعب يتزوجوا أبناؤهم الأمراء وتوصل لحد السحر والشعوذة.
مش بالضرورة إنُّه التاريخ يعيد نفسه أو حتى يتكرر علشان نشوفه أو نعرفه، في كتير من الأحيان ليرجع التاريخ نفسه وهو فاكر إنه عاوز ينتقم لكن هو بينتقم من نفسه مش علشانها.