زرعتُكَ نبتةً في أصولِ قلبي، لتكن شمس الغدِ، أو لتكن الأمل لي، مشيتُ على أطراف أصابعي إليكَ خوفًا من مجتمعٍ لا يَأبَهُ إلا باسمه ومعتقداتٍ بالية.
رامية ثقلي فوق عطرِكَ الخفيَّ -الذي كان مصدر قوَّتي- علِقَ بي منذ لقائنا الأخير، لا أعلم ما إذا كُنتَ تعانقني أم تعاتبني؛ وقد امتزجت دموعُكَ في عنقي، تسارعت نبضات قلبي ورجفت يديَّ، حينما عادتْ ذاكرتي نحو يومنا الأول، لقاؤنا الأول، واللهفة الأولى التي كُنتَ عليها..
هل هذه الخاتمة لقصَّتنا معًا، أهكذا سننتهي فعلًا؟!
بدأنا بصرخة قويَّة، مثل شعائر الحريَّة، كأطفال لا يأبهون الموت، وشبابٍ قاتلوا من أجل أن يحيا الوطن بكرامة..
قاتلنا كطفلٍ ركض من أجلِ أن يصبح مقاتل، لكن قتله الموت وفاز بالشهادة..
صرخنا باسم الحُبِّ على أن نجتمع بقلبٍ طاهرٍ لا شائبة في حُبِّنا -إلَّا أننا صرخنا باسمه-؛ وبأن نجتمع من بعد أن نخلع نعال الشرِّ في نفوسنا بكلمة واحدة نقيَّة..
ثُمَّ ماذا؟!
ما الذي حصل معنا سوى أننا أُسكِتنا قصرًا باسم -العيب- والخوف من النَّاس، ولربَّما نحن من استسلمنا..
في ذلك اللقاء إعتقدتُ أنَّك ستقوم بثورة وانتفاضة، أنَّك ستُعلِن الحرب مرَّةً أخرى، كما فعلَتْ ثورة الكرامة فأعادت حرِّيتنا.
اليوم وحينما التقيتُ بِكَ في فجر الثامن من كانون الأول في ساحة الأمويين ترفعُ علمَ الحريَّة، التقت عيني في عينك لبضع دقائق، كانت لامعة متوهجَّة ثائرة كما رأيتها قبلًا، رجف قلبي وتمنَّيتُ لبضع ثوانٍ أن تنتفض من أجلنا، لكن.. حينما رأيتُ كفَّ يدها يعانق يديك، أدركتُ أنني نسيت المكرَ الذي رأيته في أفعالك، وبأنني خُدِعتُ كما خُدِعَ الشعب في ظُلَّامه..
لم أعد أعلم إذا ما كُنتَ رمزًا لكرامتنا أم طاغٍ مُستبد سلَبَ قلبي وهرب بعيدًا نحو بلادٍ أخرى!
للمرةِ الأولى خانني قلبي، فأصبح عطرُكَ الخفيَّ يقتلني، وباتت ذاكرتي كوطنٍ مشوَّه الروح، لايدري أهو سقيم تعافى من مرضٍ، أم صحيحٍ باتَ به سقمِ.






































