لا سامح الله كل من ترك فينا وجعاً لا يُرى ولا يُشفى ؛ وجعل في جوفنا ألماً لا نملك أن نبوح به ؛ كجرحٍ غائرٍ نخاف أن نلمسه كي لا ينفتح أكثر.
هناك أوجاع لا تُقال ؛ لا لأننا لا نريد ؛ بل لأننا لم نعد نعرف كيف نُفسرها ؛ أو من أين نبدأ الحكاية.
أوجاع صارت جزءاً من ملامحنا ؛ من نظراتنا ؛ من ابتساماتٍ نتكلفها كي لا ينكسر شيءٌ فينا أمام من لا يفهمون.
لا سامح الله من ظن أن الكلمة تُقال وتُنسى ؛ وأن الرحيل سهل ؛ وأن الوجع يمر مع الوقت.
فالوقت لا يُعالج ما استقر في القلب ؛ بل يُعلمنا فقط كيف نُخفيه.
نضحك ، نعيش ، نتحرك وسط الزحام ؛ لكننا نحمل داخلنا وجعاً صامتاً يشبه حجراً ثقيلًا في صدرٍ ضاق بالكتمان.
كم من الليالي جفت فيها الدموع قبل أن تنزل ؛ لأن البكاء لن يُعيد كسر القلوب ؛ ولن يُبرئ قلباً امتلأ بالخذلان.
كم من مرة تمنينا أن نصرخ ؛ أن نحكي ؛ أن نبوح...
لكننا اخترنا الصمت... لأن الصمت أهون من أن نُقابل نظرة شفقةٍ أو عجزٍ من أحدهم.
لا سامح الله من كان سبباً في هذا الصمت الثقيل ؛ من جعلنا نخاف من البوح ؛ من أطفأ فينا الثقة ؛ من جعلنا نُحسن التخفي خلف ابتساماتٍ زائفة.
فهم لا يعلمون أن الألم حين يسكن الأعماق ؛ لا يخرج بالكلام ؛ بل يصبح سكناً للروح ؛ يرافقها حيثما ذهبت.
ومع ذلك...
نُسامح أحياناً ؛ لا لأنهم يستحقون ؛ بل لأننا نريد أن ننجو من ثقل الكره.
نُسامح كي لا يفسد الوجع ما تبقى فينا من سلام ؛ نُسامح بصمت ؛ كما تألمنا بصمت.
لكننا أبداً لا ننسى.
فالنسيان رفاهية لا تُمنح لمن ذاق خيانة القلب ؛ أو طعنة القريب ؛ أو خذلان من ظن أنه الأمان.
لا سامح الله كل من جعل في أرواحنا جرحاً خفياً ؛ وكل من جعلنا نبتسم ونحن ننزف من الداخل.
لكننا رغم كل ذلك...
سنظل نحاول أن نُرمم أنفسنا ؛ أن نُحب الحياة من جديد ؛ أن نخلق من الرماد نوراً ؛ ومن الوجع قصيدة حب ؛ ومن الكتمان حكاية لا تُروى ؛ لكنها تُنقذنا كل يوم من الإنهيار.
فاطمئني...أيتها النفس التي ضاقت بالسر ؛ فما كُتب لكِ من حزنٍ ؛ إلا ليُمهدكِ الله لقلبٍ أنقى ؛ وحياةٍ أهدأ ؛ وفرحٍ لم تعرفيه من قبل.
سيُربت الله على قلبكِ كما لم يفعل أحد ؛ وسيُنبت من رمادكِ ورداً بعطر الأمل ؛ ومن دمعتكِ نوراً يضئ عتمتكِ ؛ ومن صبركِ عوضاً يليق بنقائكِ.
فقط.... تحلى أمام الله بصبرٍ و يقين








































