تحاصرني نصائحهم بالابتعاد عنه أينما ذهبت، في كل وقت وحين، لم تكن تلك النصائح إلا لتزيدني ولعًا به، حتى تحول النصح لتحذيرات منه، قالوا: سيكون سبب هلاكك!
كنت أتغافل عن نصائحهم وتحذيراتهم وأندفع إليه، أستخرجه من مخبئه الذي أعددته له بعناية، أحمله بين يديَّ وأتسلل إلى حجرتي، تلك الخلوة التي تليق به، كنت أضعه أمامي وأتحسسه برفق، أنظر إليه من كل اتجاه، أتأمله، أمد يدي نحوه، أدنو منه فيدنو مني، حتى يلامس شفاهي، فيذوب وأذوب.
رغم حرصي على إخفائه عن أعين الآخرين في مخبئه وفي خلوتي، إلا أن أمري قد افْتُضِحَ، حتى اضطررتُ لارتداء الملابس الواسعة الفضفاضة، لعلي أخفي خلفها ما فعله بي، أو أَحُول - ولو مؤقتًا - دون نظرات التأنيب التي كانت تذبحني كسكين تالمة.
شهرا وراء آخر لم تعد الملابس الواسعة حلًا نهائيًا، فها أنا أقف أمام طبيبي، وقد صعدت فوق الميزان، بينما أتاني صوته مُؤنبًا، وهو يشير بإصبعه نحو المؤشر الذي توقف على علامة ١٠٩، آمرًا: لقد حذرتُكِ مرارًا، كان عشقك له أقوى من تحذيراتي .. يجب أن ينتهي هذا حالا.