نكتب لأن الكتابة هي منفذنا الوحيد، هي الحبل الذي نتشبث به عندما يسحبنا تيار الألم بعيدًا عن أنفسنا، نكتب لنصنع من الحروف جسوراً تحملنا عبرها إلى بر الأمان، ولنعيد ترتيب فوضى الروح، لنجبر الكسور التي لا تراها العيون لكنها تثقل القلب، نكتب لنلتقط شظايا الآلام التي تتناثر في أرواحنا، ونحاول أن نعيد تشكيلها لتصبح كلمات تحمل معنى جديدًا، معنى يمكن أن يخفف من وطأة الحزن.
في الكتابة، لا نبحث عن حل، بل عن عزاء، لا نبحث عن تصحيح، بل عن فهم .. نكتب عن الوجع الذي لا يلتئم، عن الجراح التي لا تندمل، لكننا أيضا نكتب عن الأمل، الذي قد يظهر في كلمة، أو في سطر، أو حتى في لحظة صمت بين الكلمات.
نكتب لأننا بحاجة إلى أن نخرج ولو للحظات من عالمنا الخاص، ولنمنح أنفسنا الفرصة للتنفس، لكي نجد في كل حرف ينبض بالحياة شيئًا يلامسنا، يعيد إلينا جزءًا من ذواتنا التي سرقتها أيامنا العصيبة.
نكتب لأننا نعلم أن الألم يتضاءل حين نشاركه، وأننا لسنا وحدنا في هذا السكون الصاخب الذي يلفنا، نكتب لأننا نستطيع، ولأن الكتابة هي ملاذنا الآمن الذي يأخذنا بعيداً عن كل شيء، ليبقى الحرف شاهدًا على ما مررنا به، وعلى ما نأمل أن نكونه. لهذا_نكتب_وتصدح_حروفنا.