لكن ما تبقّى بعد الفراق
لم يكُن عنك فقط،
كان عنّي،
عن كائنٍ خرج من ذاته
ولم يعرف الطريقَ للعودة.
أشدّ الأشياء ألمًا، يا حبيبي،
أن يُثمر في يدِ غيري
ما زرعتُهُ بيدي،
أن أراكَ تُزهر،
ولم أكن التُربة التي اخترتها للبقاء،
مع أن كلّ بذورك
علِقت بطرفِ فستاني.
أنا الرواية التي لم تُكتب حتى النهاية
لأن المؤلف خاف من الصدق،
أو لأن الحبّ
لم يكن صالحًا للطبع.
أنا الشجارُ الذي توقّف عند حدودِ الكبرياء،
كأننا خشينا أن نربح بعضنا.
أنا القبلة التي ارتجفت في الهواء،
كأنها تذكّرت فجأةً
أن الشفاه لا تملك تاريخًا طويلاً في الوفاء.
وأنت
غرستَ سكينك في صدري،
كمن يُجرّبُ المعنى لا الجريمة،
كأنك أردت أن تعرف
هل الألم مادة محسوسة؟
أم فكرة فقط؟
لكن السكين لا يفكّر،
وأنا — لم أمت،
لكن شيئًا في قلبي توقّف
عن الاعتراف بالحياة.
ما تبقّى،
قصيدةٌ رفضت اللغةُ أن تمضغها،
رعشةٌ لا نعرف:
هل هي من الحبّ أم من انقطاعه؟
ندبةٌ في الصوت،
وصمتٌ
أثقل من أي كلام.
بحثت، صدّقني،
عن تفسيرٍ منطقي للغياب،
عن خارطة تمحوك من تضاريس جسدي،
عن دواء يُنقّي الذاكرة
من براءة عينيك
فلم أجد،
إلا المزيد من الأسئلة.
(ما علينا)
قل لي،
هل للورد ذاكرة؟
هل سيتذكّر أنها ليست أنا؟
وأنني أنا
من شرحتُ لك سرّ عطره،
حين قلت لك
إن الوردة لا تُهدى
بل تُفهم.
كيف ستُعلّمها
أن تقول "يا ربي!"
ليس تعجّبًا،
بل خشوعًا أمام عينيك؟
وكيف ستقنعها
بأن البومة لا تُخيف،
بل تحاور
وأن الغراب، في فلسفة الأرواح،
رسول منسيّ؟
والأهم
كيف ستخبرها
بالطريقة التي علمتُك فيها
أن "أحبك"
ليست وعدًا،
بل سؤالًا أبديًا
عن الوجود،
نطرحه على من نُحب،
كل ليلة،
ولا ننتظر الإجابة.
أنا أحبك
وهذا
ما تبقّى مني.
وهذا
ربما،
هو كلّ ما كنته.