إذا كان المسلمون يحرصون في هذه الأيام على الفوز بليلة القدر بتضعيف الجهود الصالحة والاستزادة من العبادات وفعل الطاعات؛ فإنَّ هناك عبادة عظيمة هي أسمى ما يمكن أن يتقرب به المسلم إلى ربه في هذه الليلة المباركة، ألا وهي عبادة (السلام)!!
نعم، فهذه الليلة الطيبة كما وصفها ربنا بأنها ليلة مباركة، وليلة الشرف والعظمة، وليلة تكتب فيها أقدار الخلق، وليلة نزول القرآن، وليلة الخير والنور . . . فهي كذلك ليلة السلام والأمان والاطمئنان!!.
قال تعالى: ﴿سَلَـٰمٌ هِیَ حَتَّىٰ مَطۡلَعِ ٱلۡفَجۡرِ﴾ [القدر ٥]
هذا السلام الذي تتطلع إليه أمتنا اليوم وهي تعيش أحلك ظروفها وأصعب أيامها، بالعداوات البغيضة بين أفراد المجتمع الواحد، وما يُصيبُ العالم من حروبٍ وكروبٍ وطغيان على ضعفاء بني الإنسان، وما يحدث في فلسطين من مجازر وإبادة لشعب (غزة) المظلوم في وسط قطيع من الذئاب الملعونة التي لا تعرف للإنسان حُرمة ولا للزمان كرامة ولا للدنيا سلام !!.
إنه السلام الذي طال تعطُّش البلاد والعباد إليه، في هذه الفترة الكئيبة الصعبة، التي ما رأت البشرية مثلها عَبر تاريخها منذ أنْ كان للبشرية تاريخ !!.
وإذا كانت منظمات (ادعاء) حقوق الإنسان والمنظمات العالمية، قد أعطت ظهرها لِما يحدث في أرض الإسراء من حروب الإبادة الفظيعة، وأعلنتْ إفلاسها وفشلها في وقف هذه الجرائم التي يُحدثها أبناء القردة والخنازير على أرض (غزة)؛ فإننا نلجأ إلى الله في هذه الليلة المباركة - ليلة القدر - وتتوسل إليه بما وصفها في قرآنه بأنها ليلة السلام؛ أن ينشر السلام في ربوع أرض القدس الشريف، وأن يبسط سلامه ورحمانيته على قلوب أهل غزة الخائفين المُروَّعين.
نسألك يا ربنا بحق هذا السلام الذي أكرمت به هذه الليالي؛ أنْ تَصُبَّ على عبادك المستضعفين في الأرضي المحتلة من سحائب سلامك وأمانك واطمئنانك ورحمانيتك ولطفك وإكرامك ما يُأمِّنُهم مِن خوفهم، وما يحفظهم من مكر عدوهم، وما يُطعمهم من صُراخ بطونهم، وما يكسيهم من عُري أجسادهم !!.
نسألك يا ربنا باسمك (السلام) في هذه الليلة (ليلة السلام)، وبحق دينك الإسلام الذي هو دين (السلام)، وبِقَدر وجَاهِ حبيبك ومصطفاك رسول (السلام)؛ أن تنشرَ السلام في بلادنا وأنْ تحفظ علينا السلام في أوطاننا، وأن تُسلِّمنا وتحفظنا من شر الأشرار وكيد الفجار ومن مكر الليل والنهار، بحولك وقدرتك يا عزيز يا قهار، ولا حول ولا قوة لنا إلا بك.