هذا ملخصٌ بسيطٌ لمعاني (الرجولة) في القرآن والسنة، تلك الرجولة التي طالما تعطشت إليها حضارة الناس في هذه الفترة العصيبة، فحدث ما حدث، من انهيار قيم، وتساقط أمم، وانحدار أخلاق، وضياع أجيال!
ما أحوجنا في هذا العصر من الالتفاف حول قرآننا الصادق ونبينا الكريم، وخاصة بعدما أنجلت الحقيقة وظهر خداع الغرب وسوء نيته حيال ما يحدث لإخواننا في أرض الإسراء والمعراج، وما يخطط له من القضاء على بلاد الإسلام وشباب الإسلام ورجال الإسلام.
ففي كتاب الله الهدى والنور والخير كل الخير والنجاة دنيا وأخرى.
🟣 الرجولة درجة عظيمة امتـنَّ اللهُ بها على عباده:
والدليل ما جاء في سورة الكهف، حين أراد الرجل المؤمن أن يُذكِّر الرجلَ الكافر بهذه الصفة التي امتنَّ الله به عليه وهي الرجولة فقال له ﴿وَهُوَ یُحَاوِرُهُۥۤ أَكَفَرۡتَ بِٱلَّذِی خَلَقَكَ مِن تُرَابࣲ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةࣲ ثُمَّ سَوَّىٰكَ رَجُلࣰا﴾ [الكهف ٣٧]
🟣 بل الرجولة مِنَّـةٌ إلهية على سائر البشرية أنْ أرسلَ الله لهم أنبياءً رجالا:
قال تعالى: ﴿وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ إِلَّا رِجَالࣰا نُّوحِیۤ إِلَیۡهِم﴾ [يوسف ١٠٩]
🟣 لا يعرفُ قيمة (الرجولة) إلا الرجال:
فعن سيدنا عمر بن الخطاب، أنه قال لأصحابه يومًا: تمنوْا، فتمنَّى كلُّ واحدٍ منهم أن يكون غنيًّا لِيُنفق ما عنده في سبيل الله، ثم قالوا: ماذا تتمنى يا أمير المؤمنين، فقال: «أتمنى لو أنَّ هذه الدار مملوءة رجالًا مثل أبي عبيدة بن الجراح».
فلا يعرف قدر الرجال إلا الرجال أمثال سيدنا عمر بن الخطاب.
🟣 الرجولة ذُكرت في القرآن - بصفتها - أكثر من 50 مرة؛ وذلك لأن الحضارات لا تقام إلا على أكتاف الرجال ❗
🟣 الرجل = هو الذي يدافع عن الصالحين والمصلحين
قال تعالى: ﴿وَجَاۤءَ مِنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ رَجُلࣱ یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُوا۟ ٱلۡمُرۡسَلِینَ﴾ [يس ٢٠]
🟣 الرجولة = هي إدارك الخطر قبل وقوعه بما تستطيع
قال تعالى: ﴿وَجَاۤءَ رَجُلࣱ مِّنۡ أَقۡصَا ٱلۡمَدِینَةِ یَسۡعَىٰ قَالَ یَـٰمُوسَىٰۤ إِنَّ ٱلۡمَلَأَ یَأۡتَمِرُونَ بِكَ لِیَقۡتُلُوكَ فَٱخۡرُجۡ إِنِّی لَكَ مِنَ ٱلنَّـٰصِحِینَ﴾ [القصص ٢٠]
🟣 لا يُدافع عن الرجولة ولا يعرف قدرَ الرجال إلا الرجال
قال تعالى: ﴿وَقَالَ (رَجُلࣱ) مُّؤۡمِنࣱ مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ یَكۡتُمُ إِیمَـٰنَهُۥۤ أَتَقۡتُلُونَ (رَجُلًا) أَن یَقُولَ رَبِّیَ ٱللَّهُ﴾ [غافر ٢٨]
فالرجل هو الذي يدافع عن الرجل!!
🟣 الرجل = هو الذي لا يتخلى عنك في وقت الأزمات
ففي قصة سيدنا موسى ودخول الأرض المقدسة، بعدما خذله قومه ورفضوا الدخول، لم يقف بجواره إلا الرجال❗
قال تعالى: ﴿قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِینَ یَخَافُونَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِمَا ٱدۡخُلُوا۟ عَلَیۡهِمُ ٱلۡبَابَ فَإِذَا دَخَلۡتُمُوهُ فَإِنَّكُمۡ غَـٰلِبُونَۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ [المائدة ٢٣]
🟣 الرجولة = طهارة داخلية وخارجية، مادية ومعنوية، جسدية وروحية
قال تعالى: ﴿لَّمَسۡجِدٌ أُسِّسَ عَلَى ٱلتَّقۡوَىٰ مِنۡ أَوَّلِ یَوۡمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِیهِۚ فِیهِ رِجَالࣱ یُحِبُّونَ أَن یَتَطَهَّرُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُطَّهِّرِینَ﴾ [التوبة ١٠٨]
🟣 الرجولة = علو الهمة والاستعلاء عن المُلهيات
قال تعالى: ﴿رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ ...﴾ [النور ٣٧]
🟣 الرجولة = هي قلوب مرتبطة بالمساجد
قال رسول الله ﷺ: (ورجلٌ قلبه مُعلَّقٌ بالمساجد).
🟣 الرجولة في السنة النبوية تقاس بالكيف والجوهر وليست بالكم والحجم❗
قال ﷺ: (يُؤتَى بالرجل السمين العظيم يوم القيامة فلا يزن عند الله جناح بعوضة، واقرأوا قوله تعالى: فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا).
ولما ضحك بعض الصحابة حين انْكَشَفَتْ ساقُ عبد اللهِ بنَ مسعودٍ، وكانت دقيقةً هزيلةً، قال النبيُّ: أَتَضْحَكُونَ من دِقَّةِ ساقَيْهِ، والذي نفسي بيدِه لَهُمَا أَثْقَلُ في الميزانِ من جَبَلِ أُحُدٍ.
ولما مرَّ على الرسول ﷺ رجلٌ، فقالَ لأصحابه: ما تقولونَ في هذا الرَّجلِ؟ فقالوا: هذا من أشرافِ النَّاسِ، وهذا حريٌّ إن خطبَ أنْ يُخطَّبَ، وإن شفعَ أنْ يشفَّعَ، وإن قالَ أنْ يُسمعَ لقولِهِ، فسَكتَ النَّبيُّ ﷺ.
ثم مرَّ رجلٌ آخرُ ، فقالَ النَّبيُّ ﷺ: وما تقولونَ في هذا؟ قالوا: واللَّهِ، هذا من فقراءِ المسلمينَ، هذا حريٌّ إن خطبَ، لم ينْكح، وإن شفعَ لاَ يشفَّع، وإن قالَ لاَ يسمع لقولِهِ.
فقالَ النَّبيُّ ﷺ: (لَهذا خيرٌ من ملءِ الأرضِ مثلَ هذا).
إذن معيار الرجولة في السنة النبوية دقيق جدًا❗
🟣 الرجولة = تعني السماحة والتسامح في كل تعاملات الحياة
قال ﷺ: (رحم الله رجلاً سمحـًا إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى).
🟣 الرجولة = العدل في القضاء بين الناس
قال رسول الله ﷺ اشترى (رجلٌ) من (رجلٍ) عقارًا فوجد الرجلُ الذي اشترى العقار في عقاره جُـرَّةً فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض، ولم أبتع منك الذهب.
وقال الذي باع الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها، قال ﷺ: فتحاكما إلى (رجل) ثالث، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد، قال أحدهما: لي غلام, وقال الآخر لي جارية، قال: زوِّج الغلام للجارية وأنفقوا على أنفسهما منه وتصدقا.
فالنبي سمَّى البائع (رجل)، وسمَّى المشتري (رجل)، وسمَّى الحاكم بينهما (رجل) ❗
🟣 الرجولة صفة نادرة جدًا
قال ﷺ: (إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة)، أي: كاملة الأوصاف.
وأفضل مثال على ذلك من القرآن، قصة نبي الله داود مع بني إسرائيل في دخول بيت المقدس ومحاربة المحتلين، ورغم أنهم هم الذين طلبوا من سيدنا داود أمر الحرب والقتال، لكنهم حين ﴿كُتِبَ عَلَیۡهِمُ ٱلۡقِتَالُ تَوَلَّوۡا۟ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۚ﴾ [البقرة ٢٤٦]
فهذه القلة هم الرجال فعلا.
ولما فَصَلَ طَالُوتُ بِٱلۡجُنُود، وابتلاهم بالنهر، لئلا يشربوا منه إلا غرفة يسيرة تحفظ لهم حياتهم، فلم يستجيبوا، (فشَرِبُوا۟ مِنۡهُ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۚ) [البقرة ٢٤٩]
وهذه القلة هي الرجولة الحقيقة.
🟣 ثم اختتم بتلك الأبيات الرائعة، رحم الله قائلها وغفر له:
يا ألفَ مليونٍ وأين همُو إذا دَعـتِ الـجـراحْ
هاتوا من المليار مليوناً صِحاحـاً مِـن صِحـاحْ
من كلِ ألفٍ واحداً أَغزو بهـم فـي كـل سـاحْ
من كلِّ صافي الروح يُوشكُ أن يطير بلا جَناح
ممن يَخفِ إلى صلاة الليـل باديـاً ارتيـاحْ
ممن يَعَفُّ عن الحرام وليس يُسرفُ في المُباحْ
ممن يهيبُ بجنةِ الخلد لا الغيـدِ المِـًلاحْ
لا بدَّ من صُنعِ الرجالِ ومثله صُنعُ السلاحْ
لا تُصنَعُ الأبطال إلا في مساجدنا الفِساحْ
في روضة القرآنِ في ظل الأحاديث الصِّحاحْ
شَعبٌ بغير عقيدةٍ ورقٌ تُـذَرِّيـه الـرِّيـاحْ
من خانَ حيِّ على الصلاةِ يخونُ حيِّ على الكفاحْ