مشهدان، كانا هما السَّببَ الأقوى في حُبِّي لكتاباتِ الشيخِ محمد الغزالي، وقفتُ أمامَهما كثيرًا أتساءلُ: لماذا الغزاليُ بالذَّات؟
حتى قرأتُ له، فازدادَ يقيني وإيماني بوجوبِ قراءةِ كُتُبِه على الجميع.
👈 المشهد الأول: يَذْكُرُ فيه الدكتورُ أحمد فؤاد باشا – العالِمُ الفيزيائيُّ الكبير، وصاحبُ المدرسةِ الفريدةِ في تاريخِ وفلسفةِ علومِ الحضارةِ الإسلامية – في لقاءٍ تلفزيونيٍّ مُسجَّلٍ منذُ اثنَتَي عشرةَ سنةً، وهو يتحدَّثُ عن رحلتِه العلميَّة، فيقول إنَّه تأثَّر غايةَ التأثُّرِ بالشيخِ محمَّد الغزالي، وأنَّه كان قدوةً مُؤثِّرةً في حياتِه على المستوى الفكريّ، وأنَّ كُتُبَهُ ومُؤلَّفاتِه قد ساعدَتْهُ كثيرًا في بلورةِ رؤيتِه الخاصَّةِ بفلسفةِ العلومِ من نَظْرَةٍ إسلاميَّةٍ.
👈 المشهد الثاني: وذكرتُه أكثرَ من مرَّةٍ، أنَّني حين كنتُ طالبًا في الفرقةِ الأولى بكُليَّةِ العلوم، وكان لنا أستاذٌ جليلٌ، واسعُ الفِكرِ، كثيرُ النَّظَرِ في الكُتُبِ، مُطَّلعٌ على الثقافاتِ الأُخرى، يُدَرِّسُ لنا الكيمياءَ التحليليَّة، وهو سعادةُ الأستاذِ الدكتور عبد العزيز يوسف السيِّد – أمدَّهُ اللهُ بالصِّحَّةِ والعافية – وكان يحثُّنا كثيرًا على القراءةِ والاطِّلاعِ.
وفي يومٍ من الأيام، طلبتُ من أحدِ أصدقائي، وكان قريبَ الصِّلةِ به، أن يسأله عمَّا نقرأُ في الإجازة.
وكنتُ أتوقَّعُ أن يرشِّحَ لي كتابًا في الكيمياء، أو في فلسفةِ الكيمياء، أو في تاريخِ العلوم؛ لكنَّه لم يرشِّحْ لي شيئًا من ذلك، بل قال لصديقي: قُلْ له يقرأ في كتبِ الشيخِ محمَّد الغزالي.
👈وهذانِ المشهدان يُؤكِّدانِ على أهمِّيَّةِ تراثِ الشيخِ الغزالي، وأنَّه ليس مقصورًا في وجوبِ قراءتِه على طُلَّابِ الشريعةِ وعلومِ القرآنِ فقط، بل هو فِكْرٌ رَشيدٌ مستنير يبني الإنسانَ ويعمُرُ الأكوانَ، يحتاجُ إليه الناسُ جميعًا في كافَّةِ التخصُّصاتِ، وعلى شتَّى الأصعدةِ.