كلما أقبل علينا اليوم العشرون من رمضان في كل عام؛ تتجدد فينا مشاعر الذكرى ليوم الفتح العظيم الذي أتمه الله لرسوله وللمؤمين في العام الثامن للهجرة بدخول مكة المكرمة ظاهرين على عدوهم منتصرين لدينهم وعقيدتهم مستعدين حقهم ووطنهم وأرضهم، فكان يوما مشهودًا.
وإن هذا اليوم المبارك لجدير بالذكرى والاحتفاء لِما يحمله من دروس عبقرية ومشاهد جليلة ما أحوجنا اليوم لاقتباسها واقتنائها.
ولعل من أبرز تلك الدروس المستفادة من فتح مكة:
1- الرحمة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اليوم يوم المرحمة).
2- التواضع من مظاهر الشكر لله، وذلك يتضح في حال الرسول صلى الله عليه وسلم حين دخل مكة في خشوع وخضوع لله حانيا رأسه على راحلته حتى كادت ذؤابة عمامته أن تطئ ظهر دابته؛ شكرًا وامتنانا لله الذي أكرمه بالفتح.
3- تحقيق وعد الله، وذلك أن الله قد وعد رسوله - يوم أن خرج من مكة مهاجرا - وعدهُ بالعودة مرة أخرى فاتحا ظافرا منتصرا، فقال له: ﴿إِنَّ ٱلَّذِی فَرَضَ عَلَیۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ لَرَاۤدُّكَ إِلَىٰ مَعَادࣲۚ﴾ [القصص ٨٥] فتحقق الوعد بفتح بمكة.
4- التأكيد على أداء الأمانات إلى أهلها: حيث نزلت الآية الكريمة ﴿إِنَّ ٱللَّهَ یَأۡمُرُكُمۡ أَن تُؤَدُّوا۟ ٱلۡأَمَـٰنَـٰتِ إِلَىٰۤ أَهۡلِهَا﴾ يوم الفتح؛ لإنصاف عثمان بن طلحة الذي قد أخذ منه سيدنا عثمان بن عفان مفتاح الكعبة رغم أنفه، فنزل الوحي ليأمر النبي بإعادة المفتاح للرجل - وكان كافرًا حينها - فما كان من رسول الله إلا أن ناداه وأعطاه المفتاح وقال له: (خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة إلى يوم القيامة لا ينزعها منكم إلا ظالم).
5- يأتي يوم الفتح ليقول لنا أن دولة الظلم ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة، وأن الله حتمًا سينصر المظلوم وينتصر له ولو بعد حين، فكان النصر والفتح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اضطهده قومه وأخرجوه من بلده ووطنه.
6- تأتي دروس يوم الفتح هذا العام لتطمئن المطحونين والمظلومين في غزة وفلسطين وفي كل مكان بأن النصر قريبٌ إن شاء الله.
7- العفو والصفح والتسامح أبرز دروس يوم الفتح المبارك.
فلنتحلى بالعفو والصفح في هذه الأيام الرمضانية المباركة التي تحيطها دعوات الرسول والمؤمنون (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا).
فاللهم اعف عنا يارب العالمين في هذه الأيام التي هي أيام عفو وصفح ومغفرة اللهم آمين.
هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.