لا شك أننا جميعنا نعرفُ «ذو القرنيين»، ذاك المَلكُ الصالح العادل، الذي زكَّاه القرآن وأشاد بمُلكهِ وبعدلِه، ولذلك فإننا لا نتحدث في هذه السطور عن هذا الرجل باعتباره مَلَكًا من الملوك ولا باعتباره وَليًّا من الصالحين، ولكني أريدكم أن تنظروا معي إلى هذا الرجل من زاوية أخرى ربما لم يتعرض لها الكثيرون، ألا وهي زاوية «العلم بالكيمياء»!!.
هل كان ذو القرنيين عالمًا بالكيمياء؟
بالطبع نعم، وكل مَن درس مادة الكيمياء يستطيع أن يَلمسَ ذلك بسهولة عند قراءته لآيات سورة الكهف، وتأمُّلهِ في طريقة بناءه للسد!!.
قال تعالى: ﴿ءَاتُونِی زُبَرَ ٱلۡحَدِیدِۖ حَتَّىٰۤ إِذَا سَاوَىٰ بَیۡنَ ٱلصَّدَفَیۡنِ قَالَ ٱنفُخُوا۟ۖ حَتَّىٰۤ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارࣰا قَالَ ءَاتُونِیۤ أُفۡرِغۡ عَلَیۡهِ قِطۡرࣰا﴾ [الكهف 96]
هذه الآية تُطلعنا بالتفصيل على الطريقة الكيميائية التي بنى بها ذو القرنين السد، حيث جاء بزُبَر الحديد (قِطع الحديد)، ورصَّها ورتَّبها بإحكام بين السدين (الجَبلين)، ثم أشعلَ عليها النار المتأججة؛ ليُحوِّل الحديدَ من الحالة الصلبة إلى الحالة السائلة، وهو ما يُسمَّى بعملية «الإنصهار»، ثم قام ذو القرنين بإفراغ مادة «القِطر» على هذا الحديد المنصهر، لتتكون سبيكة مُحكَمة جدًا من الحديد والقطر!!.
والآن نتسائل: ما المقصود بالقِطر؟
اختلف المفسرون في ماهية القطر، ولقد وضَّحتُ هذا بالتفصيل في كتابي «نظرة كيميائية للآيات القرآنية»، ولأنه لا سبيل لذِكره في هذا المقام المجمل، فإننا يمكن أن نقول خلاصة القِطر أنه: النحاس أو الرصاص أو القصدير.
وكل هذه المواد عند إضافتها إلى الحديد المّذاب تتكون سبيكة قوية جدًا.
وهكذا يتضح لنا أن سيدنا ذي القرنين كانت عنده رؤية كاملة بتكوين «السبائك»، وانصهار المواد، وخواص العناصر، وكل ذلك من اختصاصات علم الكيمياء.
بل إنَّ مَن يتمعن في وصف القرآن الدقيق للسد وطريقة بناءه المُحكمة والمتقنة التي عبَّر عنه بقوله: ﴿فَمَا ٱسۡطَـٰعُوۤا۟ أَن یَظۡهَرُوهُ وَمَا ٱسۡتَطَـٰعُوا۟ لَهُۥ نَقۡبࣰا﴾ يرى أنه ما كان لذي القرنين أن يفعل هذا إلا إذا كان عالمًا ومهندسًا من الدرجة الأولى. هذا والله أعلم.