وما زالت رسائل الكون تترا علينا كلما صوَّبنا حاسة من الحواسِ لهذا الخلق العجيب والكون المَهيب؛ فتتوافد علينا من المعاني - التي تحمل أسرار هذا الكون وشواهد العظمة الإلهية في الخلق - ما شاء الله لها أن تتوافد.
♦️فها هي رسالة (التفاعل) التي لا تتحقق السعادة والطمأنينة بين الناس - أفرادًا وجماعات - إلا بها، حين تنشأ هذه الجسور التفاعلية بين الخلق؛ فتبرز القيم الأخرى من التعاون وتبادل المنافع والحوار والبناء والعمران.
♦️ وإن التفاعل لفطرة في الإنسان منذ خلقه الله على الأرض، ورزقه جميع الحواس التي تجعله يتفاعل مع ما حوله من الأشياء والأشخاص والأحداث، فيسأل ويتسائل، ويتأمل ويفكر، ويبحث ويفتش، ويمنح ويستقبل، ويؤيد وينقد، ويبكي ويفرح ...
🔴 بل العجب العجاب أنَّ هذا الكون كله ليسير في حركة تفاعل مشهودة منذ خلقه الله وإلى يومنا هذا. وكما أن التفاعل قانون اجتماعي في بني الإنسان فهو أيضًا قانون من قوانين الكون والطبيعة‼️
👈فها هي الذرات تتحد وتتفاعل مع بعضها في كل وقت لتتكون ملايين المركبات الكيميائية، ثم تظل هذه المركبات الكيميائية تتفاعل مع بعضها حتى تُغذِّينا وتُعطينا من المركبات الكثير والكثير مما لا تَستغني عنها الحياة ولا الأحياء.
👈إنها التفاعلات الكيميائية التي تُنتج لنا البترول والنفط والأملاح والخامات في بطون الصخور وفي أعماق الأرض، بشكل تلقائي رباني دون أن تتدخل في صنعها أيادي البشر.
👈إنها التفاعلات الكيميائية التي تحدث بشكل طبيعي تلقائي حين تتعرض المعادن للهواء فتصدأ وتتآكل، وحين تغزو البكتريا النباتات والثمار فتتعفن.
👈إنها التفاعلات الكيميائية الطبيعية الإلهية التي تحدث داخل جسم الإنسان ليُهضم الطعام ويُطحن في حضرة حمض المعدة، حتى يصل الغذاء إلى صورة من الجلوكوز السهل فتمتصه الخلايا بسلاسة.
👈كذلك التفاعلات التي تحدث بالقدرة الإلهية في الميتوكوندريا، ليتحوّل الجلوكوز والأكسجين إلى طاقة (ATP) تستخدمها الخلايا.
👈وحين يتم نسخ المعلومات من الحمض النووي (DNA) إلى RNA، ثم يُترجم هذا RNA إلى سلاسل من الأحماض الأمينية لتكوين البروتينات..
👈إنها التفاعلات الكيميائية التي تحدث مباشرة في خلايا النبات حين يتعرض للشمس فيما يسمى (عملية البناء الضوئي) فينتج لنا أوكسجين الحياة.
🔴 إذن الكون كله حقًا يتفاعل في صور كثيرة وحالات متنوعة.
🔶 ولعل هذه رسالة من الله للبشرية عبر الكون والطبيعة ألا تتقوقع في جُحرها وألا تنعزل عن غيرها، بل يجب أن تتفاعل مع الأمم والحضارات الأخرى، تأخذ منها وتُعطيها، تسمع منها وتُمليها..
وهذه هي رسالة السماء والوحي في (تعارف الحضارات) وردًا لمن اعتقد وزعم وأطلق شعاره المسموم (صراع الحضارات).
🔴 وإنه ليمكن استثمار هذا الدرس (التفاعل) من الكون في حياتنا اليومية كما يلي:
1- التفاعل بين أفراد الأسرة الواحدة بالحوار والنقاش والتفاهم.
2- التفاعل بين الأصدقاء والزملاء بالتناصح والتعاون المشترك وتبادل الخبرات.
3- التفاعل مع الطبيعة بالتأمل والتفكر في جمالها وبديع صنعها.
4- التفاعل بين المؤسسات المختلفة في تبادل المنافع والأفكار والمشاريع.
5- التفاعل مع العلماء بمجالستهم وسؤالهم.
6- التفاعل بين الدول بالسلام والحوار وتبادل المصالح والمنافع وتعزيز قيم التعاون المشترك.
فما أحوج العالم اليوم إلى لغة الحوار والتفاهم والتفاعل والاعتراف بالآخر بدلا من الحروب والكروب والعدوان والطغيان.
إنها رسالة التفاعل التي لو تحققت لتحقق معها كل عوامل الاستقرار والسعادة والسلام، والله المرجو في تحقيقها وهو على كل شيء قدير.