وما زالت رسائل الكون تتابع وتُمطر علينا رسالة تلو الأخرى حتى وصلنا إلى أصدق الرسائل وأوثقها وأشدها تأكيدا وتحقيقًا وهي أنَّ هذا الكون كله إلى فناء.!!
نعم، ومن يستطيع أن ينكر هذا، فالموت هو الحقيقة الوحيدة التي لا يمكن لأحد أن ينكرها أبدًا.
وكيف ينكرها وهي ملموسة في كل يوم ومحسوسة في كل لحظة من حياتنا وواقعنا.
الموت هو أقرب شيء لنا منذ أنْ خُلقنا وقدمنا إلى تلك الحياة.
لما خلقَ اللهُ الخلقَ كتب الفناء على جميع مخلوقاته ولم يُوجب البقاء إلا لذاته القدسية سبحانه وتعالى عما يصفون.
♦️ فكتب الموت والفناء على كل البشرية فقال تعالى: ﴿إِنَّكَ مَیِّتࣱ وَإِنَّهُم مَّیِّتُونَ﴾ [الزمر ٣٠]
وقال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرࣲ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِی۟ن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَـٰلِدُونَ﴾ [الأنبياء ٣٤]
وقال تعالى: ﴿كُلُّ نَفۡسࣲ ذَاۤىِٕقَةُ ٱلۡمَوۡتِۗ وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَیۡرِ فِتۡنَةࣰۖ وَإِلَیۡنَا تُرۡجَعُونَ﴾ [الأنبياء ٣٥]
♦️ثم بعد ذلك توسَّعت دائرة السنة الإلهية للموت لتشمل كل مَنْ يعيش على هذه الأرض من جميع الأجناس والأصناف والأنواع، فقال تعالى: ﴿كُلُّ مَنۡ عَلَیۡهَا فَانࣲ ۞ وَیَبۡقَىٰ وَجۡهُ رَبِّكَ ذُو ٱلۡجَلَـٰلِ وَٱلۡإِكۡرَامِ﴾ [الرحمن ٢٦-٢٧]
♦️ثم انتهى الأمر الإلهي بفناء كل العالمين وكل شيء في هذا الكون فقال تعالى: ﴿كُلُّ شَیۡءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجۡهَهُ﴾ [القصص ٨٨]
والكون كله مجموع أشياء، فالإنسان شيء، والجن شيء، والنبات شيء، والنجوم والكواكب شيء، والمجرات شيء، والحيوانات شيء، والطيور شيء، والحشرات شيء، والجبال شيء، والبحار شيء، والسماوات شيء، والأرض شيء ...... الكون كله ما هو إلا محصة أشياء متفاعلة ومرتبطة مع بعضها.
ما مصير هذا الكون كله؟
مصيره هو الموت والفناء والهلاك والدمار!!
قال تعالى: ﴿یَوۡمَ تُبَدَّلُ ٱلۡأَرۡضُ غَیۡرَ ٱلۡأَرۡضِ وَٱلسَّمَـٰوَ ٰتُۖ وَبَرَزُوا۟ لِلَّهِ ٱلۡوَ ٰحِدِ ٱلۡقَهَّارِ﴾ [إبراهيم ٤٨]
وقال تعالى: ﴿یَوۡمَ نَطۡوِی ٱلسَّمَاۤءَ كَطَیِّ ٱلسِّجِلِّ لِلۡكُتُبِۚ كَمَا بَدَأۡنَاۤ أَوَّلَ خَلۡقࣲ نُّعِیدُهُۥۚ وَعۡدًا عَلَیۡنَاۤۚ إِنَّا كُنَّا فَـٰعِلِینَ﴾ [الأنبياء ١٠٤]
فهذه السماوات الشاهقة البديعة مصيرها الطي والانطواء والانهياء، ومصير الأرض بما فيها ومن فيها الهلالك والدمار.!
فعلى أي شيء يتقاتل الإنسان؟
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلۡإِنسَـٰنُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدۡحࣰا فَمُلَـٰقِیهِ﴾ [الانشقاق ٦]
كيف يتناحر الناس في هذه الدنيا وهم يرون الموت بينهم في كل طرفة عين؟
الطيور تموت … والحشرات تموت … والنباتات تنمو وتخضر ثم تهيج مصفرا وتموت … الإنسان يولد ويشب ثم يشيب ويموت … الخلايا تتولد وتموت …
كل شيء في الكون له دورة حياة يبدأ صغيرًا ثم ينمو ويكبر ثم يموت.!
مَا فِي الحَيَاةِ بَقَاءٌ مَا فِي الحَيَاةِ ثُبُوت
نَبْنِي البُيُوتَ وَحَتْمًا تَنهَارُ تِلْكَ البُيُوت
تَمُوتُ كُلُّ البَرَايَا سُبْحَانَ مَنْ لَا يَمُوت
إنها لأصدق رسائل الله في الكون والحياة التي تأتينا كل لحظة حتى تبهنا بقيمة الوقت وواجب اغتنام العمر والاتعاظ بما نراه، فالسعيدُ مَنْ اتعظ بغيره والشقيُّ مَنْ اتعظ بنفسه.