لا شك أنَّ الإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي حباهُ الله من الإنعام والتفضيل ما لم يحظى بها كائن آخر، قال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ كَرَّمۡنَا بَنِیۤ ءَادَمَ وَحَمَلۡنَـٰهُمۡ فِی ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ وَرَزَقۡنَـٰهُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ وَفَضَّلۡنَـٰهُمۡ عَلَىٰ كَثِیرࣲ مِّمَّنۡ خَلَقۡنَا تَفۡضِیلࣰا﴾ [الإسراء ٧٠]
ولعل من هذه الخصائص التي فضَّل اللهُ بها الإنسان على غيره من الكائنات الأخرى خصيصة (الطعام)!!
ولا أتحدث في ذلك عن الطريقة المُثلى التي يأكل بها الإنسان ويتناول طعامه بيده وفمه، في تكريمٍ عالٍ لم ترقى له الحيوانات ولا الطيور ولا الحشرات ولا أية كائنات حية غيره.
ولكن أتحدث عن نوع الطعام الذي يعيش عليه الإنسان في غذائه اليومي؛ حيث يتميز بالوسطية والتنوع والتكامل، وذلك سر من أسرار الله في تكريم الإنسان.
وذلك يتبين لنا من حكمة الله في خلقه، إذ هناك كائنات لا تعيش إلا على نوع واحد فقط من الطعام، وإذا لم يتوفر هذا النوع تنقرض تلك الكائنات وتموت جوعا، مثل:
- أبو قردان الذي لا يأكل إلا الديدان، وإذا لم يتوفر له الدود سوف ينقرض ويموت، حتى ولو توفر له كل الأطعمة الشهية الأخرى، لا ينظر لها !!
- دودة القز لا تتغذى إلا على ورق التوت.
- النحل لا يأكل إلا الأزهار.
- حيوان آكل النمل لا يعيش إلا على أكل النمل.
- دودة المش لا تعيش إلا على المش.
- البراغيث لا تعيش إلا على الدماء.
وكذلك هناك كائنات تأكل كل شيء، تتعذى على الأخضر واليابس، لا تترك أمامه شيء أبدا إلا وتأكله وتقضي عليه، مثل (الفطريات)، التي تأكل الأطعمة والنباتات والحيوانات والأسماك، حتى الجمادات فتأكل الحديد والتراب والخشب ....تأكل كل شيء.
وإذا كان النوع الأول الذي لا يأكل إلا طعاما واحدا حياته معرضة للانهيار في أي وقت؛ فإن هذا النوع الآخر أخطر على بقاء الحياة والأحياء !!
لكن الإنسان كائن مخلوق وسط يين هذا وذاك، فلا هو بالذي يقتصر في غذائه على نوع واحد، ولا هو بالذي يأكل ويقضي على كل ما يقابله.
بل هو وَسَط بينهما، له أكلٌ معين، لكنه في نفس الوقت متنوع وكثير ومتوفر؛ لذلك توفرت له كل عوامل الحياة، فتجاوز مسيرة الزمن إلى عمر تخطى الملايين على هذه الأرض، وهو يتعاقب جيلا بعد جيلا.