كيف لبشرٍ يصلُ من الحجاز إلى الشام ويعود في جزء من الليلة؟
كيف يتسنَّى لجسم بشري أن يصعد إلى الفضاء الخارج عن الأرض ويعود دون أن يصيبه شيء، وقوة الضغط كفيلة بأن تمزق أشلائه تمزيقًا؟!
كيف صعد محمد ﷺ إلى الفضاء دون حاملات التنفس الصناعي، وليس في الفضاء الخارجي أوكسجين؟!!
كيف أمكنه المسير في الفضاء الكوني، وليس خارج الأرض اتجاهات ولا مسارات إلا خيوط المجال المغناطيسي؟!
أسألةٌ كثيرة تغزو خواطر كُلَّ مَنْ له عقل يفكِّر، وليس العقل الذي تطرأ عليه هذه التسائلات بكافر والعياذ بالله، فليس بالضروي هذا، فقد يتسائل المسلم ليقتنع ويزداد يقينه، وإلا فلماذا سأل سيدنا إبراهيم ربَّهُ أن يُريَهُ كيف يحيي الموتى، ﴿قَالَ أَوَلَمۡ تُؤۡمِنۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَـٰكِن لِّیَطۡمَىِٕنَّ قَلۡبِی﴾ [البقرة 260]
ولكي تطمئن القلوب لا بُدَّ أن تقتنع، ولا يمكن أن تقتنع ممن ليس له دراية بالعلوم والمعارف الحديثة، ففاقد الشيء لا يعطيه.
من أجل ذلك كان واجبًا على علماء الإسلام من أهل التخصص العلمي أن يُجيبوا على هذه التسائلات بإسلوبٍ علمي يتماشى مع عقول القرن الواحد والعشرين.
والحقُّ أن علماء الإسلام صنَّفوا في ذلك المؤلفات الضخمة؛ ﴿لِیَسۡتَیۡقِنَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَیَزۡدَادَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ إِیمَـٰنࣰا وَلَا یَرۡتَابَ ٱلَّذِینَ أُوتُوا۟ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡمُؤۡمِنُونَ﴾ [المدثر 31]
ونريد في هذه المقالات أن نشير إلى بعض هذه الردود العلمية حول مسألة الإسراء والمعراج:
1- من المعروف عند الفيزيائيين أن (السرعة تتناسب عكسيًا مع الزمن)، أي كلما زادت السرعة قلَّ الزمن، كمن يسافر من مصر إلى فلسطين بطائرة، هل يستغرق زمنًا كما لو سافر بسيارة أو باخرة، بالطبع لا، يصل بالطائرة في زمن قصير، لماذا؟ لأن سرعتها أكبر.
وما الذي يتحكم في سرعة وسيلة المواصلات؟ أوَ ليست قوة المحرك؟ نعم.
ماذا لو استخدمنا صاروخ؟ ستكون قوة محركه أعلى وبالتالي يصل في زمن أقل من الطائرة.
نقول: إذا كُنتَ تؤمن بهذا في قوةٍ بشريةٍ بسيطةٍ كهذه، فكيف تستغرب قوة الملائكة التي تنصُّ على قوتها الفريدة كل الشرائع وكل الكتب السماوية والوضعية، بل وكل العقول اليقظة؟!
وطالما لم يقل النبي ﷺ بأنه (سَرَىٰ) ولكن قال (أُسري بي)، والقرآن أسند الرحلة إلى القوة الإلهية العليا (سبحان الذي أسرى)، ينبغي علينا أن نستحضر حجم القوة الإلهية التي نفَّذت هذه الرحلة، وقوة الله ظاهرة في الشمس والقمر والبحار والشجر والدواب والحركة والهضم والقلب ... وكل شيء في الكون ينطقُ بعظمة وقوة الخالق سبحانه وتعالى، القوي المتين.
2- إذا كُنت تستغرب وسيلة المواصلات التي ركبها النبي في هذه الرحلة وهي (البُراق) والذي جاء من أوصافه أنه يضع رجليه عند منتهى نظره، إذا كنت تستغرب هذا فانظر إلى الوسائل الحديثة التي صنعها البشر.
هل كان سُكان الدنيا في القرون الماضية يُصدِّقون أنه في يوم من الأيام سيخترع الإنسان (الصاروخ) العابر للقرات في ساعات؟ لا والله، ولا كانوا يصدقون فكرة السيارة فضلا عن الصاروخ !!.
ماذا تقول في (الربوتات ومَركَبات الفضاء) التي أطلقها الغرب لاستكشاف الفضاء الخارجي، فصعدوا إلى القمر، وذهبوا إلى المريخ، واستكشفوا أورانوس، وخرجوا خارج المجموعة الشمسية، وعلوم الفضاء الآن في أعظم ثوراتها العلمية.
هل تعلم أنَّ الربوت (الإنسان الآلي) عندما وصل إلى كوكب أورانوس 1986م، لاحظ العلماء أن الصور التي يرسلها مشوشة، وكان لا بُد من التدخل فورًا، وإلا ستفشل الرحلة، فأرسلوا له رسالة عبر الكمبيوتر، وتم إصلاح هذه المشكلة!! هل تعلم أن الرسالة وصلت من وكالة ناسا الأمريكية إلى (الربوت) على كوكب أورانوس في ساعتين وأربعين دقيقة فقط!!
هل تعلم أنَّ الإنسان الآلي عندما هبط على المريخ، كُسر أحد ذراعيه، وتم إصلاحه بشفرة إلكترونية، انطلقت من وكالة ناسا إليه عبر هذه المساحات الشاسعة في دقائق!!.
فإذا كانت قوة البشر وصلت إلى هذا الحَد، فكيف بقدرة الله التي ليس لها حَد؟!
وللحديث بقية إن شاء الله.