يتسائلون: كيف صعد محمد ﷺ إلى الفضاء الكوني دون حاملات التنفس الصناعي، وليس في الفضاء الخارجي أوكسجين؟!!
أقول: وهل يعجز الخالق أن يُحيي حبيبه ومصطفاه بدون أوكسجين؟ وهل كان في بطن الحوت أوكسجين لحياة يونس عليه السلام؟
أنظر إلى جنس الأسماك، هل تستطيع العيش بدون تتفس الأوكسجين، بالطبع لا، ومع ذلك فقد اكتشف العلماء الأمريكان حين وصلوا إلى قاع المحيط حيث أماكن الانفجارات البركانية، وجدوا كائنات بحرية تعيش فيها، مع العلم أنهم وجدوا درجة الحرارة للماء في هذه المنطقة 600 درجة مئوية، يعني ست أضعاف درجة غليان الماء، ومع ذلك لا يوجد غليان؛ بسبب الضغط الجوي الكبير، ووجدوا في هذا المناخ الملتهب أسماك تعيش بشكل طبيعي، وكانت الدهشة الكبرى حين اكتشفوا أن هذه المنطقة الملتهبة لا يتوفر فيها أوكسجين نهائيا!!
إذن على أي شيء تعيش هذه الأسماك؟!
وجدوا أن هذه الكائنات البحرية تعيش بطريقة أخرى غير طريقة التنفس الموجود عند كافة الأسماك المعروفة!!
ما هذه الطريقة؟!
وجدوا أن هذه الأسماك تعيش على الطاقة الناتجة من تحلل غاز (كبريتيد الهيدروجين) المنبعث من الانفجارات البركانية!!.
وهذا ما جعل العلماء لا يستبعدون وجود حياة وأحياء على الكواكب الأخرى؛ وقالوا بأنه لا مانع أن يخلق الله كائنات أخرى بنظام تنفس وهيكل تشريحي فسيولوجي مختلف، فهو الخالق القادر!!
والحق أنه إذا كانت عقول الغرب الكافرة وصلت لهذا المنطق الإيماني، فكيف بنا أن ننكر أو أن نستغرب صعود النبي في الفضاء الذي ليس به أوكسجين، أوَ ليس الذي خلق تلك الكائنات البحرية التي تحيا بدون الأوكسجين بقادرٍ على أن يُحيي رسوله بدون أوكسجين أو أن يوفر له الأوكسجين؟
هل يُعقل أن تقف قوانين الطبيعة أمام إرادة خالقها ومُسيِّرها؟!
إننا ينبغي أن نفهم ماهية المعجزات، وألا نقيسها بقوانين البشر العادية، وإلا فكيف نجا إبراهيم عليه السلام من النار ولم تحرقه بل كانت بردًا وسلامًا عليه؟
كيف فقدت السكين خاصيتها حينما مرَّرها الخليل إبراهيم على رقبة ابنه إسماعيل؟
كيف استطاع عيسى عليه السلام إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص؟
كيف استطاع موسى عليه السلام شق البحر بعصاه فكان كل فرق كالطود العظيم؟؟
كل ذلك كانت معجزات إلهية، بقوانين إلهية، لا تستطيع العقول البشرية أن تحيط بها علمًا، ليس لها إلا الإيمان والتسليم.
سبحانكَ اللهم لا أُحصي كَمَالكَ أو ثناك
يا ربِّ كُلِّ عُلا تَناهَىٰ فهو دُونَكَ في عُلاك
هـذي الحيـاةُ بكُـلِّ مـا فيهـا تُسخرها يَـدَاك
أوْلَيْتـها عِلمًـا فحـاولت الصُعـودَ إلى سَمَـاك
ومن العجيبِ يُصدِّقونَ العلمَ وهو على فِكَاك
ويكذِّبـون صُعــودَ أحمــدَ يـوم أنْ لبَّـى نِـداك
فسـرىٰ إليـكَ اجتـاز تلكَ المجَـرةَ حتـى أتـاك
فـأريتــهُ مــا لا يُـرى ومَـنـحـتـهُ وافـي وَلاَك
لا غـــروَ فهــو الـحـبيـبُ ومُصـطـفـاك
سَعِدَ النبيُّ سعادةً أبديةً لمَّا لَقاك
(الأبيات للدكتور أحمد عمر هاشم)
وفي الختام أقول لك أيها القارئ:
دع عنكَ ما قيلَ في المعراجِ حيثُ رقىٰ
إلى مقـامٍ تهـاوت دونـهُ الفِـكَـرُ
فذاك أمرٌ يراهُ العقلُ ممتنعًـا
ويملكُ المرءُ في تصديقه بَـهَـرُ
فـإنَّ في الجـو أبعـادًا مُفرغـةً
من الهواء وفيها يَكمنُ الخطرُ
لو جازها المرءُ لاقىٰ حَتفهُ ومضىٰ
إلى الفناءِ الذي في الجوِّ يَنتظرُ
هذا كلام الذي قد راحَ مُعترضًا
وراح يُنكرُ في جهلٍ ويَدَّكرُ
فلا الهواءُ هواءٌ عند مَنْ عرفوا
ولا المكانُ مكانٌ عند مَنْ نظروا
وتلك معجزةٌ للمختارِ نظَّمها
إلـٰهٌ عظيمُ الشأنِ مُقتدرُ
والمعجزاتُ سَمت فوقَ العقولِ فلا
يَعي سِرَّها في الكون جانٌّ أو بَشَرُ