بدأ السير بتكاسل، وابتسامة سخرية تظهر على محياه فهو يعلم نتيجة هذا المشوار مقدمًا ولكن عليه أن يحاول وإلا وصم بالفشل.
الفشل! بمجرد أن سمع صدى صوت هذه الكلمة في عقله أسرع من خطواته وهو يخبر نفسه أن هذه المرة ليس هناك مجال لهذا الفشل اللعين، لن يستسلم ولن يقبل الهزيمة ككل مرة.
نظر إلى ساعة يده فاتسعت عيناه بصدمة وزاد من خطواته حتى وصل إلى أقصى ما يستطيع، فهناك دقائق تفصله على الموعد المحدد.
يلهث بعجز وهو ينظر للساعة في معصمه كل دقيقة وما بعدها، فلقد أخبرته ساعة يده الحديثة على سرعة ضربات القلب التي تنذر بالخطر، ولكن أي خطر هذا الذي تدل عليه دقات قلبه وهناك خطر أكبر يهدد حياته إذا لم يصل إلى هدفه؟!
أغمض عينية بحسرة مع دقات التنبيه الصادرة من ساعته اللعينة، أبطأ من خطواته ليقف أخيرًا بحسرة وخيبة أمل، فخطواته الثقيلة ووزنه الزائد لم يجعله يصل لشيء يذكر خلال النصف ساعة التي حددها له طبيب التغذية على جهاز السير الكهربائي، لا هذه المرة ولا أي مرة سبقتها.
تحرك بتثاقل وخطوات مجهدة باتجاه باب الشقة الذي كاد يشكو مِن طرقات مَن خلفه؛ ليكون أسوأ موسيقى تصويرية لمشهده السخيف اليومي الذي ينتهي دون نتيجة تذكر كل مرة يقف فيها على جهاز قياس وزن الجسم.
فتح الباب ببرود يعلم من الطارق، فقد كان عامل التوصيل السريع قد وصل أخيرًا بشطائر الهامبرجر الشهية التي يستمتع بتناولها دائمًا فهي المتعة الوحيدة التي ما زال محافظًا عليها رغم كل شيء.