أراها أمامي تسير معه ببهاء، حولهما هالة من السعادة والرضا، تمسك كفه بمرح يفهمه المارة بمجرد رؤية الابتسامة على وجهيهما.
لم أمل من السير خلفهما رغم طول الطريق، فقد كان حديثهما شائقًا، ربما ما أفعله يعد تلصص ولكن عذري أنني أفتقد ما يشتركان فيه، فما أفعله محمودًا فعله لأمثالي المحرومين هذا الحب الصادق النقي.
يبتسم لها بحنو بين الحين والآخر، فترد عليه بابتسامة ساحرة أخذت قلبي قبل أن تصل إليه، فأشفق أنا على قلبه من سحر براءتها ورقة نظراتها التي تمتلئ بالإعجاب به، ربما تفوق عليها بنثر عبارات الحب حولها، ولكن صِدق مشاعرها جعله يحاول الإبداع في نسج خيوط من الكلمات المعسولة لتبدو كالشعر.
وبمهارة خبير في كيف يكون الحب، قطف الزهور من شجرة على جانب الطريق ليقدمها لها كتعبير متعارف عن الحب، فخطف قلب المسكينة إلى الأبد بعدما درست على يديه كيف يكون الرجل حين يحب.
وخطف قلبي معها، وتمنيت أن ينتبه لي ويرميني ببعض من ذلك العشق فمازلت خلفهم لا أمل، أسير بإصرار كلما بدأ الاثنان طريق، على أمل أن ألتقط زهرة تسقط منهما بالخطأ، أو يراني صدفة ويعرف أنني أكثر منها عنفوانًا وشبابًا، محرومة مما يعطيه لها بإسهاب.
اكتشفت فجأة أن المشهد يتكرر، مع بداية كل طريق أرسمه أنا في خيالي لتلك الرحلة التي أغلقت عليها خلف أسوار الذاكرة أجتر منها بعض المشاعر كلما احتاج القلب لتذكر كيف يكون حنان الأب رغم العمر الذي مر، فلقد نجح هذا الرجل أن يزرع زهرة في قلب طفلته الصغيرة، ورغم أنها حينها لم تعِ ماذا يعني أن يعطي رجل لفتاة زهرة إلا أنه كفاها زهور عمرها بأكمله..... ورحل.