كان يجلس على كرسى من الخيرزان أمام محل كبير لتجهيز العرائس فى القاهرة ملابسه أنيقة جلباب بلدى من الصوف الخالص لونه بنّى يظهر تحته الصديرى تتدلى منه ساعة جيب يمسكها كل حين كأنه على صراع مع الوقت جبهته عريضة ذو شارب أسود له هيبه مثل العمدة الذى يحكم قرية. كان ذلك فى شهر مارس عام 1971م
أخذ يتأمل وجوه الناس حوله يترقبهم كأسد يحوم حول فريسته...
على بعد رأى خمسة رجال يلبسون جلاليب بلدى يتفرجون على ما تعرضه المحلات من شوار العروس.... فلما اقتربوا منه قام يتأهب لأستقبالهم... مرحباً.. مرحباً تفضلوا المحل محلكم ... نورتونا
فأخذ يشكر فى سمعة المحل جودة خاماته وأسعاره التى لاتقارن بغيره . يمسك بهذا خشب زان وهذا نحاس أحمر وذاك قطن بلدى غير المفروشات.
المهم هو ( المهر) المصدر الرئيسي للجهاز
عبارة عن مبلغ من المال متفق عليه يدفعه العريس لوالد العروس فيقوم بالشوار كله وإن كان مقتدرا يقوم بإضافة بعض المال لكى يأتى بجهاز يشرفه وسط أهل قريته . والكل يتبارى ويتباهى بين اقاربه بالشوار ...
فأخذوا يتفرجون وينتقون جهازهم واستقروا على ما يشترون ... ونادى الرجل الأنيق العمال بتجنيب ما اتفقوا عليه
لكى يذهبوا إلى مدير الحسابات يدفعوا نقودهم ويستلموا جهازهم . فى حجرة مرتبة يجلس الأستاذ أحمد على كرسي من الجلد الفخم مثل كرسى مأمور المركز وأمامه دفاتر وتليفون قرص أسود مثل تليفون العمدة عندنا فقام الرجل ورحب بهم اتفضلوا وجلسوا على المقاعد الفخمة ليست مثل الكنب البلدى أفخم ماعندنا ... فجاءه العامل بورقة المشتروات فأخذ الرجل يحسب ويجمع وقال هذه المشتروات ثمنها مائة جنيه... هذا كثير يا استاذ أحمد
تسعون جنيه كويس... دى زرعة سنة قطن ....
ما اقدرش اطلعها أقل من مائة جنيه. أخرج والد العروس النقود من المحفظة من جيب الصديرى ورق فئة الخمسة جنيهات وعين الرجل الأنيق كالسهم يخرج من رمحه عليها .
قال والد العروس كده كويس يا أستاذ أحمد...
لسه عشرة جنيهات ياعم الحاج أنا كمان عامل لك خصم كويس ...
ده أقل سعر عندنا عن المحلات الأخرى... فوضع والد العروس النقود على المكتب أمام الأستاذ أحمد ... ساعة الكاش الغالى يبقى ببلاش ... فى هذه اللحظة نادى أحد العمال الاستاذ أحمد لوجود مشكلة خارج المحل مع سائق الكارو . فترك النقود على المكتب وخرج يرى المشكلة.... فقال الرجل الأنيق سأحاول أن أقنعه وأخذ النقود وقال لهم اطمئنوا
ستأخذوا الشوار بتسعون جنيه اشربوا الشاى . وبعد عشر دقائق دخل الأستاذ أحمد ... تأسف لهم على تاخيره فقالوا قلت إيه يا أستاذ ... عايزين نروح بدرى... لسه عشرة جنيهات ياعم الحاج ..
خلاص هات فلوسنا نروح نشترى من مكان آخر ... قال النقود تركتها أمامكم على المكتب... قالوا الرجل إللى معاك اخذها وقال هيكلمك فى السعر...
قال مافيش معايا حد غير العمال ده معاكم أنتم وداخل معاكم ... تعالت الأصوات وجاء العمال وأحتد النقاش بينهم ووصل إلى التشابك باللسان والأيدى
أنتم مشغلين معاكم نصابين... لأ الراجل الأنيق داخل معاكم
أتصل الاستاذ أحمد بوالده جاء بعد ربع ساعة بالسيارة... سلم عليهم وسمع منهم وفهم أنهم جميعاً وقعوا ضحية فخ من الرجل الأنيق وقال لابنه أفتح درج المكتب واعطى لهم تسعون جنيها. ووجه الكلام لابنه عندما يكون هناك تفاوض على السعر
ووضعت النقود أمامك وحدث شىء طارىء أدى لخروجك تعطى لهم النقود فى أيديهم أو تضعه فى درج المكتب.
والتفت إليهم وقال لهم
اذهبوا إلى محل آخر اشتروا منه ...
مكان ليس فيه ذاك الرجل الأنيق .
تمت ...