(التعريف بالشخصيات)
مريومة: الشخصية الرئيسية (ثماني سنوات).
ميدو: أخّ (عشر سنوات).
رحمة: بنت عمّ مريومة وميدو (ثماني سنوات).
فارس: أخو رحمة (عشر سنوات).
مِنّة: صديقة مريومة في المدرسة (ثماني سنوات).
وليد: أخو مِنّة وصديق ميدو (عشر سنوات).
عادل: أبو مريومة.
فاطمة: أُمّ مريومة.
نجلاء: جارة مريومة (عاقر).
سعيد: زوج نجلاء (عقيم).
(الحلقة الأولى)
أنا مريومة عادل.
كيفَ حالُكم يا أصحاب؟
هلّموا لأعرّفكم بعائلتي.
هذا هو ميدو أخي الذي يكبُرني بعامين، يَهوى القراءةَ لذا ستجدونهُ بحضرةِ الكُتبِ مُعظم الوقت.
وهذهِ أُمّي الصّالحة فاطمة، امرأةٌ تُحِبُّ اللَّهَ ورسوله _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم_ لا تملّ من ذِكرِ اللَّهِ حتّى أثناء طهوها الطعام.
أمَّا هذا الذي يَخيطُ ثوبي فهو أبي، عَلِمَ تفضيلي لهذا الثوب عن غيرهِ فأخذهُ ليَخيطهُ لي بعدما اهترأ بعضه.
دعونا نتجول بالبيت.. هذهِ غُرفتي، أمَّا هذهِ فغُرفة أخي ميدو، مُناهُ أنْ يُصبِحَ طبيبًا لذا كَتَبَ عليها غُرفة الطبيب ميدو.
أمَّا التي تَبعُدُ عنّا بُعيض الأمتار فهي الغُرفة الخاصّة بأبي وأُمّي، لنصعدَ الدرج بِسْمِ اللَّه، ها هي مكتبتنا؛ مكتبةٌ خاصّة ببيتنا أسّسها أبواي قبلَ أنْ نُولدَ أنا وميدو، جعلاها في زاويةٍ خاصّة من زوايا البيت، تحتوي على العديد من الكُتبِ المُتنوعة، كما بِها بعض الأقسام كَالدين، التاريخ، الآداب، العلوم، وأخيرًا اللُغات.
والآن إلى أفضلِ مكانٍ في سائرِ البيتِ كُلّه، مكانٌ يمتازُ بالراحة والهدوء والسكينة، دلفتهُ حينَ بلغتُ الخامسةَ من عُمري، ومن حينها تعلّق قلبي به.. إنَّهُ مِحرابُ الصّلاة، أرأيتم جماله؟
هذا مِنبرٌ خاصٌّ بأبي، أنشأهُ ليُلقي علينا بعض الخُطبِ والعِظات، وهذهِ مصاحفٌ بحوامِلها، وكذا مكتبةٌ زُجاجيةٌ صغيرة تحوي بداخلها بعض كُتب السيرة النبوية الشريفة، وكذا قصص الأنبياء للأطفال، بالإضافةِ لكُتيباتٍ خاصّة بأذكارِ الصّباح والمساء.
هيّا لأُريكم حديقة بيتنا، بِسْمِ اللَّه، أتدرونَ ما هذا الصوت الجميل؟
إنَّهُ صوت الكناري الذي أهدانيهِ أبي حينَ أتممتُ حِفظ الأربعون النووية، ها قد وصلنا، بَرّكوا يا أصحاب؛ كي لا نُصيبَ جمال الحديقة بالعَين، باركَ اللَّهُ لنا فيها، ورزقكم بمِثلها آمين.
هي ليستْ كبيرة لكنَّ أبي قد نَّظمها وابتاعَ لنا أُرجوحة جميلة، وها هو قفصُ الكناري، زوجانِ من هذا الطائر المُفضّل لي.
ما رأيكم يا أصحاب أنْ أُوريكم غُرفتي؟
هيّا بنا.
نقولُ بِسْمِ اللَّه، هذهِ هي غُرفتي المُتواضعة، بها سريري الصغير، ودولابي، ومرآةٌ صغيرة، ومكتبٌ مُلحقٌ بهِ مِقعد، وصندوق ألعابي، ومُصحفٌ بحامِله، وكذا سجادة صّلاة، أرأيتم كم هي مُرتبة ومُنّظمة؟
لأنَّني حينَ أستيقظُ من نومي أقوم بترتيبها، وبعد أنْ أنتهي من لعبي أحفظ ألعابي في صندوقها هذا، ثُمَّ أُعيد ترتيبها مرّة أُخرى.
أسَمِعتم صوتَ أُمّي تُناديني؟
أجل تُناديني.
لأتركَ ما في يدي وأُسارع إليها.
حينَ تُناديكم أُمّهاتكم لا تتأخروا عليهنَّ بل سارعوا إليهنَّ ولبّوا النِداء.
مريومتي الحبيبة كيفَ حالُكِ اليوم؟
مريومة بعدما قَبّلتْ يدِ أُمّها: في فضلٍ من اللَّهِ ومِنّة أُمّي.
الصّالحة فاطمة: أدامَ اللَّهُ عليكِ نِعَمهُ صغيرتي.
مريومة: سَمِعتُكِ تُناديني أُمّي.
الصّالحة فاطمة ببسمةٍ صافية: أجل بُنيّتي، قد أعددتُ الطعام عدا الملوخية، وأحببتُ أنْ تُشاركيني طهوها، فما رأُيكِ؟
مريومة بفرحٍ: بالتأكيدِ مُوافقةٌ أُمّي.
الصّالحة فاطمة: إذن لنبدأ بِسْمِ اللَّهِ خيرُ الأسماء.
ثُمَّ قامتْ بتسخين حساء الدجاج، وأعطتْ مريومة صَحنٌ بهِ الملوخية الجافّة، وأخذتْ تفرم لها الثوم، لحظاتٍ وكانتْ رائحة الملوخية تملأ أرجاء البيت.
أخذتْ الأُمّ بعضًا منها وتذوقتهُ ثُمَّ أثنتْ على مريومتها لجميلِ صُنعها.
سعدتْ مريومة برأي أُمّها، وراحتْ لتُعرّفَ أخاها ميدو بأنَّها قد نجحتْ في طهي الملوخية، وغدًا ستكونُ أفضلَ طاهية طعام في الدُّنيا.
فَرِحَ لها ميدو وشكرها على صنيعها، ثُمَّ أهداها ورقةً محبورة ببعض كلمات الفخر والتشجيع، أخذتها وقبّلتْ جبينهُ وذهبت.
ساعدتْ أُمّها في تجهيزِ مائدة الطعام، دقائق وخرجَ أباها من غُرفتهِ لتلقاهُ ببسمتها الصافية.
لحظاتٍ وكانوا قد اجتمعوا على المائدة، فاجأهم الأبّ بقوله: يا قوم إيمانًا معنا بتقديرِ مَن يُتقن عمله، أو يُحسِنُ فيما يصنع، فقد تقرّر، والتزم الصمت كَنوعٍ من التشويقِ والإثارة لمعرفةِ القرار.