تسامرتُ مع إخوتي ثُمَّ ذهبتُ للنوم؛ إذ أنَّني لا أُطيقُ السَهَرَ إلى السَحورِ ولا أُحبّذه، لأَفيقَ على همسِ يوسف أخي، ليُخبرني أنَّ السماءَ قد فُتِحَتْ أبوابها بإذنِ رَبِّها فأخذَ المطرَ في الهطول، وأعطاني بعض الماء لأحتسيهِ قبلَ أذان الفجر.
حَسَوْتُ حَسَواتٍ مِنْ ماء، وإذ بصوتِ الرَعْدِ يَشُّق سكون السَحر، اِقتربَ منّي يوسف ليَهمِسَ لي بأنَّ الصوتَ قد أخافه، طمأنتهُ وطلبتُ منهُ أنْ يَذكُرَ اللَّه، وأخبرتهُ بأنَّ صوتَ الرَعْد يبعثُ بالخشوع؛ إذ يُسبِّحُ بِحَمدِ رَبّه.
سكونٌ رهيب لا يقطعهُ إلَّا صوت المطر، والذي يُريِحُ النفسَ بشكلٍ عجيب، فهذا الصوت سببٌ للهدوء، وباعثٌ للشعورِ بالسَكينة.
حينَ أسمعُ صوت الرَعْد يكادُ قلبي يقفزُ من قفصي الصدري، فَرحًا وخشوعًا وتذكرةً لي بتسبيحهِ للَّهِ ربّ العالمين.
شعورٌ رائع ينتابُني حالَ سماعي صوت الرعْد، لا أدري كيفَ أصفِه؟
فبعض الشعور لا يُمكن وصفه، فقط يُحَسّ، وهذا بخصوصِ الجميلِ منه، بل الذي فاقَ حَدَّ الجمالِ والروعة، ولا أروع من سماعِ صوتِ الرعْد وهو يُسبِّحُ بِحَمدِ رَبّه.
أوّلُ ما يَخطرُ ببالي عندَ سماعِ صوت الرعْد قولَ اللَّهِ تعالى: "ويُسبِّحُ الرَعْدُ بِحَمده" فأراني اِزددتُ خُشوعًا للَّهِ رَبّي.
أتأملُ صوتَ الرَعْد فأرى عَظمةَ رَبّي قد تجلّتْ عليه، فأحمدُ رَبّي العظيم.
يكفيني أنَّ إلهَ العالمينَ رَبّي.
سُبحانَ مَن حَرّرني بالعُبوديةِ له!
سُبحانَ مَن أعزَّني بذُلّي له!
سُبحانَ مَن أغناني بفقري إليه!
سُبحانَ مَن قَوّاني بضعفي بينَ يديه!
سُبحانَ مَن جبرني بإنكساري له!
سُبحانَ رَبّي العظيم الذي ليسَ أحدٌ أعظمَ منه!
سُبحانَ مَن يُسبِّحُ الرَعْدُ بِحَمدهِ والملائكةُ من خِيفته!
جاءَ في تفسيرِ الإمام الطبري _رَحِمَهُ اللَّه_ بخصوصِ آية (وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ): أنَّ الرَعْدَ يُعظِّمُ اللَّهَ _سبحانهُ وتعالى_ ويُمجِّدهُ فيُثني عليهِ بصفاتهِ، ويُنّزههُ ممّا أضافَ إليهِ أهل الشرك بهِ، وممّا وصفوهُ بهِ من اِتخاذِ الصاحبة والولد، تعالى رَبُّنا وتقدّس.