مُنذُ ساعاتٍ وأنا أُحاولُ أنْ أنهلَ من مكنونِ ما أوهبني الرحمٰن، إلَّا أنَّ قلمي لم يُطاوعني، قد عصاني ثانيةً بعدَ أنْ طاوعني من قبل.
كُلّ يومٍ يَمُرّ يزداد قلبي تعلُّقًا بقلمي؛ كيفَ لا وهو أحنُّ عليَّ من الكثيرين، وأقربُ إليَّ من المُقربين، هو صاحبي الأمين، هو رفيقُ دربي، هو لسانُ قلبي.
قلمي بُعيض مريم وثروتها، ومِنّة ربّها ومَيزتها، وأنيسها وجليسها، ولسانُ حالها حالَ صمتها، وكنزها الثمين، وسلاحها المُبين.
حينَ يعصاني قلمي يَحزنُ قلبي، وتتألمُ نَفسي، ويَنشطُ عقلي حدَّ التوقف، فبيني وبينَ قلمي رباطٌ رَّوحي.
شعورٌ مُؤلم ينتابني حالَ عصيان قلمي، لا أدري ماذا عسايَ أنْ أفعل كي يُطاوعني؟
بذلتُ جُهدًا في مُحاولاتِ اِستعطافهِ لكنَّها باءتْ جميعًا بالفشل، تظاهرتُ بأنَّهُ لا يَهمني عصيانهِ فكانتْ النتيجة ألَّا يُطاوعني في كِتابةِ حرفٍ واحد.
أشعرُ أنَّني لستُ على ما يُرام ما دامَ قلمي يعصاني، فاللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى هو مَن مَنَّ بهِ عليَّ وجاد، وهو وحدهُ أعلمُ بحالي حالَ عصيانهِ.
حاولتُ أنْ أكتبَ دونَ ترتيب، أنْ أكتبَ أيّ شيء، أيّ شيءٍ على الإطلاق، لأُعيدَ إليهِ مرونتهُ من جديد، لكنْ بلا جدوى.
تَمُرُّ الساعةَ عليَّ ويكأنَّها دهرٌ اللَّهُ بمرورهِ عليم، أمسكتهُ بعطفٍ بعدَ أنْ بسملتُ، وبدأتُ أكتُبُ بعض الأسطُر، لكنْ سُرعان ما أُصيبتْ أحرُفي بالجمود، وقُضيَ على أسطري بالمحو.
قلمي العاصي أُحبُّكَ على الدوام، ولا أحزنُ منكَ أبدًا مهما عصيتني، لكنَّني أحزنُ عليكَ صاحبي، لذا سأدعو اللَّهَ أنْ يردّكَ لي ولا يحرمني نعمتك.. يا صاحبي لكَ عندي من الأعذارِ سبعون، فإنْ هي نفدت فلكَ مِثلها أضعافًا مُضاعفة.
مريم توركان
10/5/2024