حينَ أرادوا تدميرنا ولم يستطيعوا ظلّوا يُفكرونَ حتّى وجدوا ذلك في التفرقة؛ حاولوا بشتّى الطُرقِ وأخيرًا نجحتْ مُحاولاتهم، فأضحى مفهوم الفرد لا الجماعة، ليسَ هذا فحسب بل جعلوا بعض صفوة العرب نِعالًا لهم يتحرّكونَ بها متى شاءوا وكيفما شاءوا في البلدان العربية، لم يَقف الأمر عند هذا الحدّ فأوهموا مَن تمكنوا منهم أنَّ العروبةَ قد اندثرتْ بموتِ قُدماء العرب وذِهاب القرن المُبارك بحياةِ رسولِ اللَّهِ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ وأصحابهُ ثُمَّ التابعينَ والصالحين، وهُنا اطمأنت الأنفُس الخبيثة وسعتْ في الأرضِ لتُفسِدَ فيها.. لكنَّ اللَّهَ لا يغفل ولا ينام.
طبيعي جدًا أنْ يُساندَ الأخّ أخاهُ، لكنَّ الشرذمة الشاذّة عن طورِ العقلِ والفِكرِ لم يُعجبهم الأمر فماذا فعلوا؟
ابتكروا لنا مفهوم العُنصرية ليُفرّقوا بهِ شملنا، والغريب في الأمرِ أنَّهم لا يستخدمونهُ إلَّا حينَ نُحاول أنْ نقفَ مع أشقائنا المظلومين، نَقِفُ معهم باللسانِ وذلك أضعفُ الإيمان، بل لا يُريدوننا أنْ نُشاطرهم الأحزان والفواجع، في حينِ أنَّهم هُم أصل العُنصريةِ وأساسها.
لاحظتُ أنَّ مَن ابتدعوا حقوق المرأة هُم بذاتهم مَن هضموا حقّها، واحتقروا خِلقتها، وعدّوها درجة أقل في الإنسانية؛ فبلدانهم تشهد على أكبر مُعدّل عُنف ضدّ المرأة كالقتلِ والإغتصابِ، وأشياء أُخرى مُقززة لا داعي لذِكرها.
أيضًا مَن نادوا بحقوقِ الإنسانِ تلك الكذبة الكبيرة التي ما هي إلَّا بالونٍ منفوخٍ بهواءٍ فارغٍ لم يَرقى لدرجةِ الهيليوم، هُم ذاتهم مَن يقتلونَ الإنسان ويسلبونهُ أمانهُ ويسرقونَ خيرهُ، بل ويُمثّلونَ بجثّتهِ ثُمَّ ينصبونَ لهُ سُرادق عزاء ليحتفلونَ بنجاحهم بسفكِ دَمِهِ ونَهش لحمه!
عُراةٌ من الحقِّ والفضيلةِ والكرامةِ تسَتروا بمفاهيمٍ غوغائية لا عَلاقةَ لها بالإنسانية، مفاهيمٌ ابتكروها ليسودوا العالَم بها وإلَّا فلم ولن نكونَ بحاجةٍ لتلكَ المفاهيم؛ فنَحنُ أُمّةُ مُحمّدٍ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ نَحنُ مَن علّمنا العالَمَ كيفَ تكون الرحمة؟
بل نَحنُ مَن علّمنا الدنيا كيف تكون الإنسانية؟
بل كُنّا العالَم حينما لم يَكُن هُناكَ عالَم!
يقولونَ أنَّ الدفاعَ عن الدينِ عُنصرية، وأنَّ دَعم الأشقاء عُنصرية، وأنَّ حُبِّ الوطن عُنصرية أيضًا وأنَّ وأنَّ وأنَّ.. إذًا العُنصرية هي البعبعون الذي يخوّفونَ بهِ العرب فقط؛ لأنَّ سائر الدول تتمسك بدينها وتدعم أشقاءها وتُحِبُّ أوطانها دونَ أنْ يُصنّفونها بذلك المفهوم المُرّكب، وأكبر دليل على ما ذكرتُ هُم أنفسهم؛ فالملايات الكولومبوسيّة تدعم أشقاءها خنازير الأرض، وتُدافع عن عقيدتها الباطلة وتُفاخر بعدائيتها الغير مُبررة للإسلام، وتتظاهر بحُبِّ الوطن.. لماذا لا تُصنّف نفسها بمفهومها الذي اخترعتهُ خِصيصًا لأغراضٍ شخصية؟!
إذا ربطنا ما حدثَ في الماضي وما يحدُثُ في الحاضرِ يتبيّن لنا أنَّ الحرب حقيقًة على الدينِ لا على الأرضِ كما يظنّ البعض، ولأنَّنا مسلمونَ فالأرض لها قُدسيةٌ خاصّة بالنسبةِ لنا، إذًا لماذا لا تتحرّك الدول الداعمة للسلامِ لنجدةِ الجنس البشري في قطاعِ غزّةَ كما فعلوا مع أوكرانيا؟
بل لماذا تدعم الملايات الكولومبوسيّة خنازير الأرض وتشدّ على أيديهم وتمدّهم بالعُدّةِ والعتاد؟
السؤال الأهم: ماذا لو كانَ أهل غزّةَ مدعومونَ بالعُدّةِ والعتادِ فأبادوا بني ص ه ي و ن إبادة جماعية والحقّ معهم لأنَّهم يردعونَ مَن سرقوا أرضهم وبادروهم بالعُدوانِ عليهم.. هل كانَ العالَم الذي نراهُ اليومَ مؤيدًا بصمتهِ لخناريرِ الأرض سيُؤيد أهل غزّةَ أصحاب الحقّ؟؟؟؟؟
نَحنُ لا نخشى على أشقائنا في غزةَ العِزّة لأنَّ اللَّهَ معهم ولن يُضيّعهم، والذي يُصّبرنا أنَّ قتلانا في الجنّةِ وقتلى خنازير الأرض في النّار، كما أنَّ اللَّهَ قد وعدنا بالنصرِ واللَّهُ لا يُخلِفُ الميعاد.
حينَ تنظر لأشقائنا في غزّةَ ستراهم أسودًا في حين أنَّ خنازير الأرض فئران مذعورة، أتدرونَ ما السبب؟
الإجابة هي أنَّ صاحب الحقّ سُلطان، لا يخشى إلَّا اللَّه، يظلّ يُدافعُ عن حقّهِ حتّى يأتيَ وَعْدُ اللَّه.
نَحنُ بحاجةٍ للتمّسكِ بكتابِ اللَّهِ وسُنّة رسولهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.. فذالكمُ النجاة ذالكمُ النجاة.