جلستْ على الأريكةِ لتُشاهد التلفاز مِثل كُلّ يوم، ولكنَّها لم تستمتع بالمُشاهدةِ هذهِ المرّة؛ حيثُ قَطَعَ مُشاهدتها جرس الباب، ذهبتْ لتَرى مَن الطارق؟
فإذ بهِ رَجُلًا يَحمِلُ بيدهِ باقة ورد واليدِ الأُخرى هدية قيّمة، سألها: هل هذا هو منزل دكتور رُشدي وضّاح؟
أومأتْ بالإيجاب، فأردف قائلًا: وهل الدكتور هُنا أم بعيادته؟
رَدَّتْ رويدا: هُنا وأكملت، تفضل بالدخول.
فدخل دونَ تردُد، ذهبتْ هي لتُخبر أباها الذى أمرها بتقديمِ نوعًا من الشرابِ للضيف، ففعلتْ، ثُمَّ عادتْ لمُشاهدةِ التلفاز مرّة أُخرى بعدما قَابَلَ أباها الضيف.
وأثناء مُشاهدتها غَضِبَتْ لرؤيةِ مَشهدٍ يحكي قصّة حبيبينِ تزوجا من فترةٍ قصيرة؛ إلَّا أنهما قد دخلا دائرة النكد الزوجى... إلى آخره، فغضبت لذلك؛ لِمَا ينتابها من زيادةِ عُقدتها من الزواج عُقدًا كثيرة.
سَمِعَتْ رويدا صوت أباها مُحدِّثًا الضيف: دعني يومين كي أتمكن من الرَدِّ عليك.
رَدَّ الضيف: حسنًا.. حسنًا، لقد فَهِمت حتّى تُشاورَ عروسنا في الأمر، أُوافقكَ الرأي ولا أُريدُ الإستعجال بالردّ، فلكَ ما شئتَ من الوقت.
أوصل الدكتور الضيف إلى الباب وودّعه: مع السلامة.
ذهبتْ رويدا لتنام وقبلَ أنْ تغفو رأتْ أباها عند رأسها يُحَدِّثها بصوتٍ حنون: أأنتِ نائمة رودي؟
رويدا: كنتُ سأدخلُ في النومِ لولا مجيئُكَ إليَّ أبى، أتُريدُ شيئًا؟
دكتور رُشدي: كُنتُ أودُّ الحديثَ معكِ في موضوعٍ ما، ولكنَّكِ ستنامينَ الآن، فتُصبِحينَ على خير، وغدًا إنْ شاء اللَّه نتحدّث.
رويدا: وحضرتك من أهلهِ أبتى.
على دّقاتِ العاشرة صباحًا اِستيقظتْ رويدا من نومها وأثناء تناولها الإفطار مع أبيها دارَ الحوار:
دكتور رُشدي: رودي ألا ترغبينَ في الزواج؟
رويدا فى صوتٍ تشوبهُ العصبية: لا أبى.
دكتور رُشدي:ولِمَ؟
رويدا: تفاديًا لِمَا يَحدُثُ بينَ المتزوجين.
دكتور رُشدي: وما هو؟
رويدا: نكدٌ وشِجارٌ لأتفهِ الأسباب.
دكتور رُشدي: بُنيّتي النَّاس مُختلِفونَ ولا يُشبهونَ بعضهم البعض؛ كما أصابعكِ كذلك.
رويدا: الحقُّ معكَ أبى، ولكنَّني أخشى الزواج؟
دكتور رُشدي: وما الذى جعلكِ هكذا؟
رويدا: ما سَمِعتهُ من صديقاتي أصابني بعُقدٍ نفسية.
دكتور رُشدي: وما الذي سمعتينهُ؟
رويدا: سَمِعتُ شِكايتهِنَّ من أزواجهِنَّ وسوء المُعاملة.
دكتور رُشدي: حبيبتي، ألم أقُلْ لكِ أنَّ النَّاسَ مُختلفين.
رويدا: بلى، ولكنْ ما دخلُ هذا بموضوعنا؟
دكتور رُشدي: دخلُ هذا بموضوعنا أنَّ أحدًا أتى لخِطبتُكِ.!
رويدا: ومَن هو أبى؟ أقصدُ.. ماذا؟
دكتور رُشدي: الضيفُ الذي زارنا البارحة، بالمُناسبة كيف ترينه؟
رويدا: يبدو خَلوقًا وأنيقًا ووسيمًا ولكنْ أبى....
دكتور رُشدي مُقاطِعًا: ما لكنش ولا حاجة، خُذي وقتكِ وأعطي عقلكِ فرصةً ليُفكّر، واللي فيهِ الخير يُقدّمهُ اللَّه.
سأذهبُ إلى العيادةِ كي لا أتأخر على المرضى، مع السلامة ثمرةُ فؤادي.
ذهبَ دكتور رُشدي إلى عمله، وظلّتْ رويدا تُفكّر فيما أخبرها بهِ أباها: "حبيبةُ أبيها أنتِ بضعةٌ منّي وأحبُّ إليَّ من نفسي، لذا لا بُدَّ وأنْ تتزوجي رودي؛ كي أفرح بكِ وأطمئنّ عليكِ، ولولا أنَّ المُتقدّمَ لخِطبتُكِ مناسبًا لَمَا فاتحتُكِ فى الموضوع أصلًا، اسمه: هشام عبد اللَّه،
مؤهل عالي: بكالوريوس هندسة الجامعة الأمريكية، شابٌّ خَلوق، مؤدب، ووسيم ويتمنّى رضاكِ، قد رأكِ عِدّةَ مرّاتٍ فسأل عنكِ وأتانا يُريدُكِ زوجةً له".
وبعد تفكيرٍ عميقٍ دامَ لثلاثةِ أيَّام، حدّثتْ رويدا نفسها قبلَ أنْ تردّ على أبيها: ولِمَ لا أتزوج ويُصبِحُ لديَّ أبناء كَسائرِ صديقاتي اللاتي سبقنني في الزواج؟
كنتُ في الماضي أرتكنُ لحُجة الشهادة الجامعية والعمل بها، وهانذا قد تخرّجتُ وأعملُ شهادتي، وقد كَبُرَ سِنّي وما زالتْ لديَّ فُرصة؛ لأُعوّضَ ما فاتني، فلِمَ التردُد والخوف؟
وكما علّمني أبى فالنّاس ليسوا سواسيةً في طَبائعهم ومشاعرهم، وأخلاقهم وسلوكياتهم، وكما قِيل "الفُرص لا تُعوَّض" و "الوقت كالسيف إنْ لم تقطعهُ قطعك".
و الآن حانَ الوقت لأُعطي أبي الردّ الذي يُفرحهُ ويُسعد حياته.
تُرى قُرّائي الأعزَّاء ما هو الردّ الذي ستقولهُ رويدا لأبيها؟
المُخيلة لكم........