سارت بخطواتٍ مُثقلة حتّى توسطت الطريق المُظلم، رفعت بصرها إلى السماء فرأت الظلام قد حجبَ ضوء القمر.
هطلَ دمعها، وقالت بصوتٍ يقطعهُ البُكاء:
أيا قمري قد حجبتَ ضوءك، وأنا التي أتيتكَ لتُضيء لي دربي المُعتم بغياية الهموم.
أخذت تُفضفض معهُ حتّى سكنَ فؤادها، استدارت لتعود من حيثُ أتت إلَّا أنَّ صوتًا قد أوقفها.
يا نوّارة القمر، القمر يُناديكِ.
نظرت إليهِ فوجدتهُ يشع نُورًا فوق نوره، وقد زال حجاب الظلام عنه.
انبهرت ممّا رأته، لم يدعها تنبهر أكثر من هذا، فمدَّ يدهُ _شعاع ضوءٍ باهر، وحملها ورفعها إليهِ، أخذَ يتفحص قفصها الصدري وكأنَّهُ يبحث عن شيءٍ لهُ بداخله.
لحظات وأخرجَ من صدرها ضوءًا على شكل قلب، ورفعهُ عاليًا في جوِّ السماء فشقَّ بنورهِ الظلام الدامس!
ثُمَّ تبسمَ لها وأضاف:
هاكِ هو الضوء، الضوء الذي لن ينطفيء ما دُمتِ حيّة!
تحسّست صدرها وقالت:
أوبقلبي الضوء؟
تبسم القمر وأجاب:
أجل، تحملينَ قلبًا ينبضُ بالخير، وما الضوء إلَّا خيّرات مُجمّعة، ولديكِ من الطهارةِ والنقاء ما يُحافظ عليهِ لعقودٍ قادمة!
إنْ أظلمَ دربكِ لأيّ سببٍ كان، لتتفقدي ضوء قلبكِ فهو لكِ خير مُرشد ولا نور لمَن لا خيرَ بقلبه.
عادت وضوء قلبها يُنيرُ لها دربها، بينما القمر قد زادَ نُورًا من نورها.