الحمدُ لِلَّهِ خَالِقُ الإنسان، مُعلِّمهُ البيان، ذو الكرمِ والطَولِ والإنعام.
أسطُر هذهِ الأحرُف بعدَ قرائتي لصفحاتٍ قيّمة، أرادَ كاتبها أنْ يُعيدَ من خلالها ذِكرى عُلمائنا الأماجد، وقد كان.
العمائم الثائرة مائة وخمسة وأربعون من الصفحات، طُبِعَتْ لدار المكتبة العربية للنشرِ والتوزيع.
بدأ كاتبنا الكتاب بمُقدّمةٍ ثرية، أبانَ فيها حال عُلماء اليوم مُقارنةً بعُلماءِ الماضي، ثُمَّ مَهَّدَ لهذا الطرح الجميل، وبعدها شرعَ في سردِ المقالات.
العمائم الثائرة مقالاتٍ في سِيَرِ العُلماء الربَّانيين، كُتِبَتْ بأسلوبٍ ماتعٍ وبطريقةِ السهل المُمتنِع، بعيدًا عن التقّعُرِ والغضاضة، بألفاظٍ عِدّة ولُغةٍ جزلة.
العمائم الثائرة صفحاتٍ من أروقةِ التاريخ، أخذتني في رحلةٍ إلى الماضي، وعرّفتني بعُلمائنا الأماجد فخر العرب الحقيقيون.
بَيَّنَ لنا الكاتب أهمية الأزهر الشريف ودورهِ في التصدّي للإحتلالِ عبرَ العصور، ومدى تأثيرهِ على المصريين وخشية قوات الإحتلال منه.
وُفِقَ الكاتب في اِختيارِ العنوان المُلائم لمُحتوى كِتابه، فكانَ العمائم الثائرة، وإنَّهُ لعنوانٌ يدلّ على الهَيبةِ والوقار، والإجلالِ والإحترام.
العمائم الثائرة صفحاتٍ محبوراتٍ بالكثيرِ من العِبراتِ والعِظات، صفحاتٍ تُذكّرنا بتاريخِ عُلمائنا المُشرّف مُنذُ القِدَم، عُلمائنا الذينَ لا يخافونَ في اللَّهِ لومةَ لائم، عُلمائنا الذينَ ضحّوا بأرواحهم في سبيلِ اللَّهِ ودفاعًا عن الحقّ والحُرّية، والكرامة الإنسانية.
لو جازَ لي وصف هذا الكتاب لوصفتهُ بالمرجعِ لمَن أرادَ أنْ يكونَ كَعُلمائنا الأفذاذ رَحِمَهم اللَّهُ ورَضِيَ عنهم.
ظَهَرَ واضحًا ما يشغل فِكر الكاتب من هَمٍّ على ما وصلَ إليهِ حال بعض عُلماء اليوم، فنسجَ بوريدهِ هذهِ الصفحات، لتكونَ تذكرة لمَن يَعي عِظم التذكرة في وقتٍ قَلّتْ فيهِ الذِكرى.
العمائم الثائرة مقالاتٍ سلسة مليئة بالإثارة والمُتعة، ممزوجة بعَبقِ التاريخ الذي سُطرتْ عنه.
أعجبني سرد الكاتب لسيَرٍ مُبسّطة للعُلماء، مع توضيح حضرتهِ للحِقبة الزمنية التي عاصروها، وحياتهم وأساليب معايشهم، تمهيدًا لدفاعهم عن الحقّ، ومن ثَمَّ الوقوف في وجهِ سلاطينٍ جائرة دونَ أنْ يمنعهم مانع، أو يُعيقهم عائق سوى الموت في سبيلِ ذلك.
نَجَحَ كاتبنا في خَتمِ مُؤلَفهِ بالشهيدِ البطل عزّ الدين القسّام، ليوضّح لنا أنَّ العِزّة والكرامة تُورّث مُنذُ الأزل، كما أنَّها رسالة مفادها العَيش بكرامة أو نَيل الشهادة، وهكذا تتسلّمها الأجيال اللاحقة من الأجيالِ السابقة.
العمائم الثائرة وجبة ثقافية دسمة، تُثري العقل، ويزدان بقراءتها الفِكر.