البعضُ يَحصرُ شهر رمضان في تنوعِ الطعام، بل وزيادتهِ عن الحاجة، فتراهُ يهتم بخزينِ البطنِ دونَ اِهتمامهِ بخزينِ الرَّوح؛ كَالتزوّدِ بالتقوى، والإلتزام بطاعةِ الرحمٰن قدرَ المُستطاع.
واللَّهِ ما كانَ رمضان للطعامِ والشرابِ ومُتابعةِ الأعمال المُتلفزة، لكنَّهُ مِنَحة ربَّانية وَجَبَ تقديرها، ولا أقولُ لا يأكل الصائم ما يحلو له، بل على العكسِ تمامًا فمَن اِستطاعَ أنْ يبتاعَ ما يشتهيهِ من الطعامِ النافعِ فليفعل؛ حيثُ يتحوّل الطعام بعد تناولهِ إلى طاقةٍ تَمدّ الجسد بالقوة فيما بعد، وبالتالي تُعينهُ على طاعةِ الرحمٰن.
ينتظر المُسلم شهر رمضان بلهفةٍ وشوق؛ لعِلمهِ بعظيمِ فضله، وجزيلِ أجره، وتَميُّزهِ عن غيرهِ مِن الأشهُر، فيُسارع في مُنافسةِ الزمان بختمِ القرآن، وصحيحِ الصيام، وأداءِ القيام، وعدم اللغو في الكلام.
شهر رمضان الراعي الرسمي لمَن أرادَ أنْ يتغيّرَ للأفضلِ على الإطلاق؛ فمَن يُحاولُ الإقلاع عن التدخين لكنَّهُ يَفشل، يَنوي صوم رمضان فيترك السجائر لساعاتٍ طويلة، دونَ أنْ يقتربَ منها مُجرد اِقتراب، يعلمُ حينها أنَّهُ يستطيع تركها للأبدِ لكنَّهُ كانَ يتكاسل.
ومَن ينامُ عن قيامِ الليل في الأيَّام العاديّة، تراهُ مُسارعًا في إقامةِ صلاةِ التراويح، ومُحافِظًا على وجودهِ في الصفِّ الأوّل، حينها يتأكد لهُ أنَّ بإستطاعتهِ المُحافظة على قيامِ الليل طِيلة العام.
ومَن يتكاسل عن صيامِ النافلة، تراهُ صائمًا الساعات الطوال من نهارِ رمضان، وقتها تَقوى عزيمتهُ لأنْ يصومَ النافلة دونَ تكاسُل.
أيضًا مَن يتصدّق في رمضان، يشعُرُ بالرأفةِ تجاهَ الفُقراء _ماديًّا_ فتراهُ بعدَ رمضان يتصدّق دونَ أنْ ينتظرَ رمضان القادم، بعدَ أنْ ذاقَ حلاوة الطاعة بالتقرُّبِ من اللَّه.
والأمثلة في ذلكَ كثيرة لكنَّني ذكرتُ بعضها كَمثالٍ لا كَالحصر.