وُلِدَ الرسولُ لعامِ الفيل حيثُ جيوش الحبشيّ قد تبعثرت
والطيرُ الأبابيل قد حضرت فدمّرت
بحجارة السِجيل قد أنهكت
قُوا الحبشيّ وزعزعت
فتفرق الجيشُ بحثًا عن الهرب
ولكنَّ قضاء اللَّهِ لا منّهُ هرب
وقُريش ناظرةٌ لمَن أراد البيتَ خَرِب
فخلف الجبال يختبئونَ من ذي عقلٍ جَدِب
عَادَ الحبشيّ كفرخٍ أجربٍ وصدرهُ قد إنفلق ورأى قلبهُ الخَرِب
تقهقر الجميعُ وثَبَتَ محمودٌ ذو اللبب
ففيلٌ هو مُطيعٌ لأمر مَن مِن المهالك يُنّجيه
فرحت قُريش وصدقَ عبد المطلب أن قال
أنا ربُّ الإبل وللبيتِ ربٌ يحميه
خَرجَ عبد المطلب ليوّفي نذرهُ
فالذبيحُ عبداللَّه ابنهُ
حَزِنَ على بضعته وحِبَهُ
فأرادَ شيئًا يُريحُ فؤادهُ
فكانت النصيحة أن إستهِم بين الإبلِ وبينهُ
ليوّفي عبد المطلب نذرهُ
ويذهب لبني زهرة أخوالهُ
ليخطب سيدة قومها آمنة لعبداللَّهِ ابنهُ
فيتزوجا ويشاء اللَّهُ أن تحمل ثُمَّ يَمُت عبداللَّه قبل أن يرى زرعهُ
وآمنة فَرِحةٌ بحملها فلا تعبٌ ولا وَحَمٌ كسائر النساء
حانَ الميعادُ وجاءت الشفاء
أمُّ عبدالرحمن بن عوف قابلة سيد الخلق الوضّاء
فإذ بآمنة ترى نورا خرج منها أضاءت له الأرض والسماء
وأبي لهبٍ قد أعتق ثُويبة حينَ أتتهُ بالخبر
وعبد المطلب قد حملهُ إلى الحرم ثُمَّ طافَ بهِ وسمّاه
مُحمّدًا ليكن محمودًا في الأرض والسماء
مرّت الأيَّام وأودعوهُ عند حليمة السعدية
ليرضع منها ويَربى في البرية
فبها يَقوى الصبية بصحةٍ فتّية
عاشَ في بني سعدٍ أربع سنوات كُلّها بركاتٍ على السعدية
فالخيرُ والرزقُ ونِعم اللَّهِ الظاهرة والخفيّة
ملأت بيت حليمة السعدية
وشقُ الصدر حدث له ما بين الرابعة والخامسة قبل عودته لأرض مكّة المحمية
ثُمَّ عَادَ لأُمّهِ ولهُ إخوةٌ وأبٌّ هم أهلُ السعدية
فأبيه من الرضاع الحارث وإخوته عبداللَّهِ بن الحارث وأنيسة بنتُ الحارث وحُذافة بنتُ الحارث ويُقالُ لها الشيماء وحفص بن الحارث قد إشتهر بحفص بنُ حليمة في بني سعدٍ بأرض الحُديبية
أتمَّ الحبيبُ عامه السادس في حضن أُمّه آمنة
ذهبت بصحبته ليثرب لتزور بني زهرة قومها
ماتت في الطريق و بالأبواء قبرها
عَادَ الحبيبُ لمكّة بدونها
مع أُمّه أمُّ أيمن بَرَكَة الحبشيّة
فكفلهُ عبد المطلب سيد الهاشمية
ثُمَّ توالت الأحداث ليُتاجرَ النبيُّ مع عمّهِ أبي طالب
مَرّت الأيَّام ونصرهُ اللَّهُ على مَن كيدهم غالب
فتزوجَ خديجة من أكملِ نساءِ العالمين
أعانهُ اللَّهُ بها دُنيا ودِين
وبعهدها أضحى مِن المُرسلين
ومِنها رُزِقَ البناتِ والبنين
ثُمَّ ماتتْ وبعدها عمّه ليحزَنَ الأمين
ويلطُفُ اللَّهُ بحبيبهِ خير خلقهِ أجمعين
مَرّت الأيَّام وأَذِنَ اللَّهُ لهُ بالهجرة إلى يثرب
أقامَ بها فكانت المدينة المنّورة
أسسها على العدلِ بصحيفتها المُبهرة
دعى لها بالخيرِ والبَركة لمَن أقامَ بها
أضحت جميلة بسيدنا عَلَاَ شأنها
وتوالت الأحداث فكانت الغزوات
لردعِ الظُلمِ ودفاعًا عن الحقِّ بعونِ ربّ البريّات
حتّى إذا بلغَ حبيبنا ثلاثة وستينًا
تحديدًا يوم الإثنين الثاني عشر من ربيعِ الأوّل
ماتَ حبيبنا فاندمل القلب وصار حزينًا
ورُجّت لموتهِ المدينة كعهدها الأوّل
حينَ أتاها من الأوّل
مات حبيبنا وأضحى العُمر حنظل
لكنَّنا نصبرُ حبيبنا
بُغية وجهِ رَبّنا
ونرجوهُ أن يُعيننا
على طاعتهِ والعمل بما جئتَ بهِ رسولنا
يا ربّ بلّغ حبيبكَ منّا السلام
نَحنُ لا نليقُ بكَ سيدنا خير الأنام
لكن اللَّهَ أعلم بأنَّ القلبَ بحُبّكَ ملأن
فاللهمَّ رُدّنا للعملِ بكتابكَ وسُنّةِ سيّد بني الإنسان.