عجيبةٌ هي الدُّنيا فرغم أنَّها لحظات ليسَ إلَّا، إلَّا أنَّها تعرفُ كيفَ تجعلُنا نُحِبُّ مُدّة إقامتُنا بها؛ لِما فيها من أهلٍ وأحباب، ورفاقٍ وأصحاب، لكنْ ليسَ هذا هو السبب الحقيقي، إذ أنَّ كُلّ ما هو محسوسٌ ومشعورٌ سواء سعادة أو حُزن، لذّة أو ألم، كُلّهُ محدود أو قُلْ مؤقت، فاللذّة مؤقتة، وكذا السعادة.
أرى المشاعرَ والأحاسيس ويكأنَّها مُصطفةٌ ليأخذَ كُلٌّ دوره، والذي هو دقائقَ معدوداتٍ، وإنْ كَثُرَ فلن يَزيدَ عن الأيَّام، هكذا هو حال الحياة الدُّنيا.
السبب الحقيقي في حُبّنا مُدّة إقامتُنا في هذهِ الدُّنيا، هو أنَّنا فُطرنا عليها، ورغم أنَّنا أتيناها باكينَ خائفينَ بعدَ الأمن برحمِ الأُمّ، إلَّا أنَّنا أحببنا السكنَ بها لإقامة مَن نُحِبُّهم ويُحبّوننا بها.
أوّل كُلّ شيءٍ يكون علامة في ذاكرةِ الأشخاص، حتّى وإنْ تأذوا من ذلكَ الشيء، إلَّا أنَّهم يظلونَ مُحتفظينَ بتلكَ الذكرى.. لحاجةً في نفسِ يعقوب.