هاتكلم النهارده عن خراب البيوت، نقول: سلام عليكم ورحمة اللَّه وبركاته، ويلا بينا.
في وقت من الأوقات كُنت بتابع حساب مؤسسة قانونية، ففوجئت بإنْ الحساب بقى يعرض مُشكلات أُسرية، كملت مُتابعة فلاقيت إنْ 90٪ من المُشكلات المعروضة هي مشاكل متجوّزين، إمَّا الزوج اللي بيعرضها أو الزوجة.
في منها مشاكل صعبة حبّتين، لكنْ في كمان مشاكل تافهة حرفيًا، الغريب في الموضوع إنْ مُعظم اللي بيدّوا نصايح لعارض المُشكلة مُتفقين على جُملة واحدة "الطلاق هو الحلّ"، الجُملة دي مش عجبتني، ولا هي أصلًا حلّ، بعدين لو كان الطلاق هو الحلّ فعلًا مش كانتْ الزوجة لجئتْ لعرض مُشكلتها.
البيوت مش خالية من المشاكل، والزوجين المُتفاهمين عارفين دا كويس، بس بيعرفوا يحتووا مشاكلهم ومش يخرجوها برا البيت.
إنك تحاول تلاقي حلّ لمُشكلة حصلت لك مع مراتك دا كويس، إنك تبحثي عن حلّ لمشكلة بينك وبين جوزك دا كويس، لكنْ إنكم أنتوا الإتنين تجعلوا مشاكلكم مشاع كدا فدا اللي مش كويس خالص ولا لطيف بالمرّة.
بتسألني: ليه يا مريم؟
هاقولك: المفروض اللي فرضه العقل إن البيوت ليها أبواب، ودا ليه يا مريم، علشان نخبّط عليها، طبعًا لأ، اومال علشان إيه؟
علشان اللي جوا البيت ما يطلعش برّاه، يعني اللي يحصل بينك يا زوج أنت ومراتك مهما يحصل حافظوا على أسرار بيتكم، حتّى مشاكلكم مع بعض دي من أخصّ خصوصياتكم، آه واللَّه، ما يصّحش خالص تكشفوا سرّكم لحد، ما بالكم بقى بإنكم بتعرضوها على شكل مُشكلة على حساب عام.. مشاع يعني، وكمان بتنتظروا ردّ من ناس ما تعرفهمش ولا حتّى تعرفوا إذا كانوا حقيقيين أو مُزيّفين، فطبيعي جدًّا يستهتروا بمشاكلكم، ويستهونوا ببيتكم، ويقولوا لكم "الطلاق هو الحلّ"، وأنت وهي عارفين إنه مش حلّ ولا حاجة!
أنتِ عارفة يا زوجة إنك مش ليكِ الحقّ إنك تعرضي مُشكلة بينك وبين جوزك غير لما تاخدي موافقته، آه يا أستاذة ما لكيش حقّ خالص، فقبل ما تعرضي المُشكلة قولي لجوزك: ممكن لو سمحت أعرض مشكلتنا واللي أنت طرف فيها، واللي هي من أسرار بيتنا على حساب عام للي رايح واللي جاي؟
وأنت كمان يا زوج ابقى استأذن مراتك قبل عرض المُشكلة طالما هي طرف فيها.
هو أنتوا فاكرين بعرضكم لمشاكلكم بالشكل دا هاتتحلّ يعني، حتّى لو كانتْ بدون أسماءكم، تبقوا غلطانيين؛ ليه يا مريم؟
علشان اللي بيقرأوا مشاكلكم دول ناس أغراب عنكم، لا أنتوا تعرفوهم ولا هُم أصلًا يعرفوكم، ودي تفرق إيه يا مريم؟
تفرق كتيييييير جدددددًا، علشان اللي يعرفوكم شافوكم وأنتوا بتبنوا بيتكم سوا، شافوا فرحتكم ببعض، شاهدين على الأيَّام الجميلة اللي عيشتوها مع بعض، علشان كدا لو حصلت ما بينكم مشاكل بيفكروكم بأيَّامكم الحلوة وحُبّكم لبعض.
لكنْ الغريب اللي مش عارفكم بيستسهل ويستهتر ويستهون ويستخف بيكم فبيقولكم "الطلاق هو الحلّ"، من امتى كان خراب البيوت حلّ يا عاقلين؟
هو بيقولكم كدا علشان مش عاش حياتكم ولا يعرفها، وممكن يكون اللي بينصحكم دا طفل لم يكتمل عقله بعد!
ودا علشان أنتوا مش عارفين بتتعاملوا مع مين.
المُهم، أنت عارف وهي عارفة كويس جدًّا إنكم مش عايزين تبعدوا عن بعض، ومش عايزين تخربوا بيتكم، وإلَّا لكنتوا اتطلّقتوا وكانتْ صفحات عرض المشاكل دي قفلت من زمان.
********************
أقولكم حاجة حلوة: خراب البيوت مش بالساهل، والبيت اللي بيتخرب مش بيرجع يتعمّر تاني، بلاش تضيّعوا جزء من عُمركم.
قبل ما تفكروا في الطلاق فكّروا في قلوبكم لو مش عندكم أطفال، لكنْ لو عندكم أطفال فكّروا فيهم طالما قلوبكم هانت عليكم.
فكّروا في الأطفال اللي بينكم، فكّروا في اِحساسهم لمّا يلاقوا أصحابهم عايشين حياة أُسرية مُستقرّة في حين إنكم معيّشينهم في شتات؛ أيوا يا فندم شتات، شتات أُسري ونفسي، عواقبهُ وخيمة وكارثية على الطفل، الطفل البرئ اللي أنتوا خلّفتوه بكامل رضاكم، وكنتوا سُعداء جددددًا بسماعكم نبضات قلبه، دلوقتي لما جه الدُّنيا وبقى طفل بقيتوا كُلّ واحد بيفكّر في نفسه ومٰفيش حدّ بيفكّر فيه.
*****************
مٰفيش حاجة اسمها نطلّق ونبقى كويسين مع بعض علشان الأودلاد، دا كلام مش صحيح ولا هو في محلّه، علشان الأولاد مش عايزين علاقتكم تكون سطحية مع بعض، مش عايزين أُمّهم تبقى غريبة عن أبوهم، ولا هُم عايزين أبوهم يبقى راجل غريب مُحرّم على أُمّهم.
الأولاد أهم ما فيهم النفسية فلو أنتوا اِتطلّقتوا قضيتوا على نفسيتهم بالإعدام، هاتشوفوهم عايشين وبيظهروا إنهم مبسوطين، لكنَّهم وللأسف الشديد بيكونوا مدّمرين، مُشتتين، غير آمنين ولا مُطمأنين ولا حتّى مُستقرّين.
الأولاد أمانة في رقبة أبوهم وأُمّهم، اتقوا اللَّه فيهم، وبلاش تعذّبوهم.
*******************
مٰفيش حاجة اسمها إنك هاتكوني الأُمّ والأبّ في نفس الوقت، والكلام دا للزوج، مٰفيش كدا خالص، مٰفيش حدّ بيحلّ محلّ حدّ، أصل الأدوار دي ربّنا هو اللي قسّمها الست هي الأُمّ والراجل هو الأبّ، ومٰفيش حاجة اسمها الخال والد؛ لأ يا فندم الخال مش والد غير لعياله هو وبس، لكنْ ولاد الأخت ليهم أبّ يبقى ليه يتحرموا منه؟
مٰفيش حدّ بيعوّض مكان الأبّ، ودا ليه يا مريم؟
علشان الأبّ ربّنا زرع فيه عاطفة الأبوّة، ممكن الخال أو غيره يحنّ عليهم، لكنْ إنه يكون بعاطفة الأبّ ناحية ولاد أخته فدا مُستحيل، علشان هُم مش مخلوقين من صُلبه، هُم ولاد أُخته فبيحبّهم لحُبّه لأخته لكنَّه مش محلّ أبوهم أبدًا.
*********
وياريت لو عندكم مشاكل بلاش تعرضوها على ناس ما تعرفوهاش، عايزين تعرضوها على حدّ طالما أنتوا مش بتسمعوا لبعض، يبقى اعرضوها على حدّ من قرايبكم يكون ثقة وأهل للصُلح والمشورة.
وأنت يا اللي قاعد شُغلانتك "الطلاق هو الحلّ" تعرف إيه حضرتك عن البيوت علشان تُقدِم على نصيحة ظاهرها نصيحة لكنَّها خراب بيوت، شُفت مُشكلة لاقيت لها حلّ صحيح سليم قول، مش لاقيت بلاش تتفيهق بحلول لا تمت للواقع بصلة، بلاش تكون سبب في خراب بيت حدّ، البيت علشان يكون بيت بياخد من عُمر صاحبه وصحته وشبابه اللي بيقضيه متغرب علشان يجمع فلوس تخلّيه يعرف يعمل بيت، اِنما حضرتك بقى مش عارفين إذا كنت عارف حاجة عن اللي بتقوله ولا بتتصدر وخلاص.. اوعى تنسَ إن المُستشار مُؤتمن.
****************
قبل ما تفكّروا في الطلاق اِسألوا نفسكم: هل عندكم اِستعداد وطاقة تعيدوا كُلّ اللي كان بينكم من جديد مع حدّ جديد؟؟؟
مريم توركان
27/4/2024