التأقلُم والتعايُش صِفات محمودة حينَ يضطر الشخص لوضعٍ خارج عن إرادته، أمَّا أنْ يتأقلم العالَم أجمع حيال ما يَحدُثُ لأشقائنا في غزّةَ فهذهِ هي النذالة بعَينها، والخِسّة بمفهومها الحرفي، والدونيّة بكُلِّ ما تحملهُ الكلمة من معاني.
كيفَ يعتادَ كائن بشري مشهد إراقة دِماء بشري مثله؟
أليسَ منكم رجلٌ رشيد يا ولاة أمور العرب؟
أينَ النخوة والشهامة، والحِمية على الدّم العربي؟
أينَ هي رجولتكم حيال ما يفعلهُ خنازير الأرض بحرائرِ فلسطين حينَ يقعنَّ في الأسر؟
لا تنتظروا من مُتصنّعي الإنسانية (حقوق الإنسان) أنْ يفعلوا شيئًا، فلو كانوا كما يدّعونَ ما تصدّرتْ دُولهم دول العالَم في الإغتصاب.
حتّى القلم يكاد لا يُطاوعني من كثرةِ ما كتبَ آنفًا، لكنْ ماذا أفعل؟
سأكتبُ وأكتبُ وأكتبُ حتّى لا يَنسى قلمي أنَّهُ مُجرد حاملٌ لرسالةٍ سُيسأل عنها أمام اللَّه.
كُلّ معاني الحُزن والفقد والألم والوجع اجتمعتْ لتكونَ دفينة قلبي.
أُحاولُ فَهم ما يَحدُثُ من نذالةٍ ونجاسةٍ وصفاقةٍ لكنَّ الذي يَحدُثُ فاقَ استيعابي!
تبًّا لتلكَ العاهرة التي أنجبتْ لنا أولاد الخطيئة هؤلاء، ثُمَّ عَشقتْ عاهرًا فأنجبها عُهّارٌ يدعمونَ أبنائها، ولا عجب؛ فأبناء الخطيئة يعلمونَ قدر بعضهم البعض، هنيئًا لباطنِ الأرض الذي وارى أجساد الشُهداء، بينما العُهّار يدنّسونَ ظاهرها.
يُقال لا أحدَ يَرى ما تَخُطّهُ يمينك، أقول: يكفيني أنَّ اللَّهَ يَسمعُ ويَرى، ثُمَّ إنَّني أكتبُ كي لا أسقُطَ من عَينِ نفسي.
ممّا لا شَكَّ فيهِ أنَّ الغالبَ والمغلوب لا يستويانِ مثلًا، وكذلكَ الأمر بالنسبةِ للظالمِ والمظلوم؛ فكيفَ تضع جانيًا ومجنيٌ عليهِ في مُقارنة؟
المُقارنة الصحيحة يكون عُنصر التكافؤ هو أساسها، بمعنى إنْ أردتَ مُقارنة ظالم فقارنهُ بمَن هو مِثلهِ من الظالمين، وهكذا تكون المُقارنات.
أمَّا ما يفعلهُ العالَم من دعمِ خنازير الأرض فهو أقرب ما يكون لعاهرة مَلكتْ زمامَ أمرٍ فأخذتْ تتصرف بمِزاجها.
أشقائنا في غزّةَ ليسوا في حاجةٍ لنا فهُم يعلمونَ أنَّنا نغرقُ في بحرٍ من الجُبن، حتّى الدُعاء فدُعائنا الذي تحجبهُ ذنوبنا وخطايانا لا يكاد يُرفع إلى السماء فيُردّ إلينا.
إذا لم نستطع أنْ نُساعدهم بشيء، فلنستغفر الغفّار ونتوبُ إليه، كي تُغفَر الذنوب وتُجاب الدعوات، ولنُجاهِد أنفسنا قدر المستطاع، فهُم يُجاهدونَ في سبيلِ اللَّه، ولنُجاهد نَحنُ أنفسنا بُغية وجه القهّار.