لتعلمَ أيُّها الحزنان أنَّ الحُزنَ نعمةٌ في حدِّ ذاته، أراكَ تتساءل: كيف؟
فلولاهُ ما استشعرتَ مذاق الفرح، وبدونهِ ما عرفتَ قيمةَ قلبكَ ومكانتهُ في القلوبِ مِن حولك؛ إذ تظهر المودّة، ويتضح الحُبّ، وتشتدّ المُؤازرة مِن مَن يُحِبُّونكَ وتُحِبُّهم.
لا عليكَ إنْ حَزِنتَ يومًا فكُلّنا مَرَّ عليهِ هذا اليوم، ومَن لم يَمُرّ عليهِ اليوم، سَيمُرّ عليهِ غدًا لا مَحالة، هكذا هي الدُّنيا ناقصةٌ، زائلةٌ، خدّاعةٌ وفانية.
يا محزون لا تدع قلبكَ للشَّيطانِ يَقطنهُ فيغضب عليكَ الرحمٰن، اِرضى بما قُسِمَ لك، واستعد طاقتك لتُكمِل رسالتكَ في الحياة.
أينَ عقلُكَ يا هذا؟
أمَا عَلِمتَ أنَّ الحُزنَ والفرح، والشقاء والسعادة، كُلّها لا ديمومةَ لها؛ فإنْ حَزِنتَ اليوم ستفرح غدًا، وإنْ فَرِحتَ اليوم وحَزِنتَ غدًا لا بأس، لتكُن ذكيًا، ألمعيًا، راضيًا مُرضيًا لرَبّك.
إنَّ الشَّيطانَ يتحرّى مواضع حُزنكَ ليُهوّلَ لكَ المفقود، ويُعظّمَ لكَ سبب حُزنكَ ليُصبِحَ أسبابًا، ثُمَّ يسرق صبركَ رويدًا رويدًا حتّى يُفقدكهُ، ويعملُ جاهدًا على اِضعافِ قوّة إيمانك بالرحمٰن.. لتَفيقَ قبلَ فوات الأوان.
هي دُّنيا وليستْ جنّة، فلا تحزن، مهما حَدَثَ لكَ لا تحزن، مهما أصابكَ لا تحزن، وإنْ حَزِنتَ فلا تُطيل فترةَ حُزنك، فالحياة لحظات باللَّهِ عليكَ لا تقضيها ندمًا على ما فات، ولا حُزنًا على ما أنتَ فيهِ وما هو آت.
فوّض أمركَ للرحمٰن ونَم قريرَ العَين.