إنَّهُ لمِن الفِطرةِ أنْ يغضبَ الأخُ لأخيهِ، بل ويُحاربُ لأجلهِ، ويُدافعُ عنهُ بكُلِّ ما استطاع.
لكنْ أنْ نَرى أقوامًا قد شُنّتْ على إخوتهم حربًا ظالمة، يُبادونَ فيها اِبادة جماعية على مرأى ومَسمَع، وبتسليحٍ من الغربِ لحليفتهم اِسرا..ئيل، نَراهم لا يُحرّكونَ ساكنًا، بل الأدهى والأمرّ أنَّهُم يُجاهرونَ بذلكَ دونَ مُراعاةٍ للإنسانية والعروبة وأخيرًا الإسلام!
أحقًّا سيُنصرُ أشقائنا في غزّةَ على أعدائنا؟
كانوا سيُنصرونَ حقًّا لو كانَ عدوهم واحدًا، بل لو كانتْ الأرض كُلّها عدوهم عدا بني جلدتهم، لكنَّ الحقيقةَ التي يتمّ غضُّ الطرفِ عنها، هي أنَّ العربَ بذاتهم هُم أعداءُ أشقائهم، أجل أعدائهم؛ مَن يتجاهلُ وجعُ أخيهِ هو عدوٌ وليسَ حبيب، مَن لا تُحرّكهُ النخوة لنجدةِ أخيهِ هو عدوٌ وليسَ حبيب، مَن لم تُؤثر فيهِ دِّماءُ أخيهِ التي تمّت اِراقتُها هو عدوٌ وليسَ حبيب، مَن يأكُلُ ويشربُ ويتكاثرُ دونَ أنْ يُنكرَ الظُلم الواقع على أخيهِ ولو مُجرّد اِنكار قلبي هو عدوٌ وليسَ حبيب.
الحُزنُ شعورٌ جيّدٌ مُعبّرٌ عن اِحساسِ الأخِ بأخيهِ، لكنَّهُ في ذاتِ الوقت لا يُسمنُ ولا يُغني من جوع، ما دامَ لم يتمّ التعبير عنهُ فِعليًا لا لفظيًا وحسب.
ماذا فعلنا بأحزاننا على أشقائنا في غزّةَ؟
لا شيءَ سوى سُخرية العالم واحتقارهِ، ولهم الحقُّ في ذلك؛ فمَن يبكي على أخيهِ مُنتظرًا النصر دونَ سعيٍ، بل ومُطالبًا الغريب بنجدتهِ لا أحد يحترمهُ أو يُقدّرهُ سواء على مُستوى الأشخاص أو حتّى الدول.
هذهِ تدعو ليلَ نهارٍ، وذاكَ يقومُ بمُقاطعةِ المُنتجاتِ، وتلكَ تُحاربُ بقلمها.. والنتيجةُ أنَّ أفعالنا هذهِ لا تَسُدَّ جوع أشقائنا في غزّةَ، ولا تكسو أجسادهم المُتهالكة بفِعلِ الحرب، كما أنَّها لا تروي لهم ظمًأ، بالإضافةِ لكونِ الأرَّواحِ لازالت تُزهق بشراهةٍ مُفجعة!
لا أُنكرُ صّحة الأفعال السالف ذكرها رُغم بساطتها، بل وواجبٌ الإستمرار عليها حتّى وإنْ كانتْ لا تُرى، فكُلٌّ يفعلُ ما يستطيعُ فِعلهُ، لكنَّ السؤال الأهم: لماذا لا تُقاطع الدول العربية اِسرا..ئيل كما تفعل الشعوب؟
إنْ كانوا ليسوا مُستعدّينَ للحربِ، فلماذا لم يُقاطعوها؟
لا أُخفيكم سرًّا إنْ قُلتُ لكم إنَّ في مُقاطعةِ الدول لإسرا..ئيل لنصرٌ لأشقائنا في فلسط..ين.
فالدول لها سياساتها وطُرقها في اِتخاذِ الإجراءاتِ اللازمة، كَطردِ سُفراء الصها..ينة، وقطع العلاقاتِ على العموم، حينها يُمكنُ أنْ تتحقّق دعوتنا في نصرِ أشقائنا.. فاللهمَّ.