خَلَقَ اللَّهُ سُبحانَهُ وتعالى الذكرَ للأُنثى والأُنثى للذكر، فجعلَ الفِطرةَ أنْ ينجذبَ كليهما للآخرِ بفِعلِ ما جُبلا عليه؛ لتتحقّق الغاية في إعمارِ الأرضِ عن طريقِ التناسُل، والذي لا يَحدُثُ إلَّا بالزواجِ الذي أَمَرَ بهِ الشرع، وسَنَّهُ خير الورى سيدنا مُحمّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.
هذا هو المألوف أمَّا غير المألوف هو إدّعاء البعض زواج الإنسيّة بجنّي أو العكس!!!
باللَّهِ أينَ العقول؟
فالزواج لا يَحدُثُ إلَّا بينَ نوعينِ من ذاتِ الجنس، سواء الجنس البشري، أو الحيواني، أو غيرهِ من جُملةِ الأجناسِ التي خلقها المولى عزَّ وجلّ.
إذًا كيفَ يتزوجُ جنّيٌّ من بَشريةٍ مُختلفةٌ معهُ في جِنسِ الخليقة؟؟؟
وهُنا يُراودُني سؤال: لماذا خَصَّ اللَّهُ أبناء الجنس الواحدِ بالتزاوجِ فيما بينهم؟
لحِفظِ النُطَف؛ فالزواج لم يُشرّع بهِ للمُتعةِ وحسب، بل للتناسُلِ والذي يُعَدُّ من نتائجهِ حدوث المُتعة، إذًا فالمُتعة وسيلةٌ في الزواجِ وليستْ هي الغاية.
طبيعيٌ جدًّا أنْ تتزوجَ إحداهُنَّ بأحدِهم فيزرع اللَّهُ في رَحِمها جنينًا يَنبضُ بالحياة، أمَّا ما ليسَ طبيعيًا أنْ تَحملَ عذراءٌ لم يَسبق لها الزواج، ولن أتطرّقَ لذكرِ أسبابٍ مشبوهةٍ قد تؤدي لحملها بطريقةٍ غير شرعية.. فكيفَ بمَن تدّعي أنَّها حُبلى بغيرِ زواجٍ ولم يَمسسها بشرٌ على وجهِ الحرام؟؟!
هو ما يُروِّجُ لهُ البعض في زماننا هذا، أنَّ أُنثى البشر يُمكنُ لها أنْ تحملَ من ذكرٍ جنّي، وهُنا يأتي السؤال الأهم: إذا كانَ الأمر كذلك، فلِمَ لا يتزوج الكلب من قطة، وأُنثى الماعز من كَبشٍ
وهكذا.
لكنْ لن يَحدُثُ هذا أبدًا؛ لأنَّ أمرَ الخلائقِ بيدِ اللَّه سُبحانَهُ وتعالى لا بأيدهم هُم، فلو كانَ الأمر بأيديهم لأفسدوا النظام الربّاني الذي يسير عليهِ الكون.
وأمَّا عن زواجِ بَشريةٍ من أحدِ شياطينِ الجنّ فلا مَحلَّ لهُ من العقل، ولا غرض من وراءهِ سوى أنْ تشيعَ الفاحشةُ في المُجتمع.
والذي يُروّجُ لمِثلِ هذهِ الخُرافات ما هو إلَّا شّيطانٌ من شياطينِ الإنس؛ وللعِلمِ فكما أنَّ هُناكَ شياطين من الجنّ، فهُناكَ أيضًا شياطين من الإنس، غايتهم الفساد والإفساد، والتضليل والإنحلال، وكُلّ قبيحٍ تأنفهُ النفس الزكية.
لا تحملُ بَشريةٌ إلَّا من بشريٍ مِثلها، وعن الحُبلى من شّيطانٍ فهذهِ أكذوبة، يُرادُ بها أنْ تشيعَ الفاحشة دونَ التصدّي لها؛ كأنْ تزني إحداهُنَّ ثُمَّ تُفاخر بأنَّها حُبلى من شّيطان!
ما هذا العصر الذي نعيشُ فيه؟
حتّى الشّيطان لم يَسلَم من كَذبِ بعضِ البشر.
هذا الباب لا بُدَّ من غَلقهِ حتّى لا يَزيد الجهل ويَكثُر التخلُّف.
ليسَ بغريبٍ أنْ يَشغلَ حديثٌ كهذا الرأي العام، طالما تجاهلَ العِباد شرع ربِّهم، وانصرفوا عن عِبادته.
إذا أردتَ أنْ تعرفَ مدى ثقافة دولةٍ ما، فأنظر إلى مَنطِقِ شعبها، وما يَشغلُ رأيها العام من أحاديث.. إنَّا للَّهِ وإنَّا إليهِ راجعون.