لا تحزن إنْ حَدَثَ ما لا يَروقك فلرُّبما كانَ يَحملُ لكَ هَمًّا فأزاحهُ اللَّهُ عنك.
قد يَرى العبدُ أنَّ شيئًا بعينهِ هو عَينُ الراحةِ بالنسبةِ له، وهو لا يَدري حقيقة الشيء؛ إذ أنَّ عِلمهُ محدود، مقصور على ما يَراهُ ويَشعُر به، لذا فالأمور القدرية كُلّها خير بلا أدنى شَّك؛ لأنَّها حاصلة وتَحدُث بعِلمِ اللَّهِ علّام الغُيوب، فإنْ حَدَثَ لكَ مكروهًا في عملكَ، صّحتك، بيتك، أو أيّ شيءٍ يَخصّك فاستبشر خيرًا ما دامَ الأمر كُلّهُ للَّه.
حنانيكَ على نفسكَ حالَ وقوعِ البلوى، فما عليكَ من السعي قد فعلته، وما على اللَّهِ من التوفيقِ فقد اِختار لكَ الخير وإنْ أحزنكَ اِختياره.
لتعلم يا لحوحًا أنَّ اللَّهَ لن يخذلك، فإنْ كانَ سُبحانَهُ وتعالى لا يخذل مَن ناداهُ، فما بالُكَ بمَن يُلِّحُ عليهِ بالدُعاءِ مع ثِقتهِ الكاملة في الإجابة.
إذا ألهمكَ اللَّهُ الدُعاء فأعلم أنَّهُ سيستجيب لك، فحاشاهُ أنْ يُعطيكَ مِفتاحًا ثُمَّ يُغلقُ في وجهكَ بابه.
أتدري ما معنى أنْ تُحِبَّ اللَّه؟
أنْ تُحِبَّ اللَّه معناهُ أنَّكَ لا تأمن إلَّا بجواره، ولا يطمئنّ قلبك إلَّا بذِكره، ويكفيكَ من الدُّنيا أنَّ إلهَ الكونِ رَبّك.
أنْ تُحِبَّ اللَّه معناهُ أنْ تُسلّم لهُ أموركَ وهو بها كفيل، أنْ تَرضى بحُكمهِ وحِكمتهِ وقِسمتهِ وعدله، أنْ تكونَ على يَقينٍ بأنَّ ما يُقَدّرَ لكَ هو خيرٌ لك، وأنَّ ما يُقضَى عليكَ هو خيرٌ لكَ أيضًا ولكنَّهُ غُلِّفَ بغلافِ البلاء.
من عدلِ اللَّهِ سُبحانَهُ وتعالى أنَّهُ يَبتلي عبدهُ ليسَ على قدرِ دِينهِ فحسب؛ بل وعلى قدرِ المُتاحَ لهُ من إمكاناتٍ، لذا قد تَرى أحدهم مُبتلًا في تجارته، وآخر في صّحته، وآخر في مالهِ وهكذا.
إذا سلّمتْ أموركَ للحيِّ القيّوم فلا تقلق فهو أحنُّ عليكَ من سائرِ الخلق، وهو أرحمُ وأولى بكَ من نفسك، كُن على يَقينٍ بأنَّهُ سُبحانَهُ وتعالى حاشاهُ أنْ يَرى حُطامَ قلبكَ ولا يُرمّمه، حاشاهُ أنْ يَراكَ تتجرع مرارة الصّبر على سوءِ القضاءِ دونَ أنْ يُعوّضك.
حتّى وإنْ سرتْ الغُصّة بجوفك، واعتصرَ الألم قلبك، ولم يَجد لها حلًّا عقلك، لا تحزن فورّبّ مُحمّدٍ _صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ_ إنَّ اللَّهَ لجابركَ ومُعوّضكَ فلا تفقد شغفك.
كُن كما أنتَ مَحبوبًا في الأرضِ معروفًا في السماء.
لا تفقدَ عزمك ولا تُثبِط همّتك مهما حَدَث، ما دامَ أمرُكَ لن يخرج عن إرادةِ اللَّه ليرتاحَ عقلك، ولتهدأ نفسك، وليطمئنَّ قلبك.