حَلمت الصغيرة ذات يومٍ أنَّها تحتضن القمر، راقَ لها ما رأتهُ في منامها، فجعلتْ هدفها في الواقعِ هو اِحتضان القمر.. ولكنْ أنّى لها بهِ؟!
سألتْ مَن هُم أكبرُ منها عُمرًا وخِبرة، لكنَّهم قد استنكروا حلمها، وأخبروها أنَّهُ مُحال؛ إذ القمر صعب المنال.
بكتْ وبكتْ وبكتْ، ثُمَّ خرجتْ لحديقةِ بيتها فنظرتْ إلى مُرادها، وهو بدرٌ يشّعُ بالنوارن.
نظرتْ إليهِ طويلًا ثُمَّ حدّثتهُ:
أيا قمري، يا مَن زورتني في حلمي، أودُّ أنْ أحتضنك، لأُعطيكَ بعضًا من حناني، وتُعطيني بعضًا من مَيزاتك، لكنَّ الجميعَ قد سخروا من حلمي، وأخبروني أنَّكَ صعب المنال.
ظلّتْ تنظر إليهِ بعَينِ التفاؤل والأمل، لم تيأس بل أيقنت أنَّهُ سيُحدّثها كما فعلت هي، دقائقَ معدوداتٍ وابتسمَ لها القمر!
زادَ الضوء وانسلتْ إليها أشّعتهُ الصافية، لتحتضنها وتصعد بها إليهِ، وهي لا تُصدّق ما يَحدُثُ لها.
لحظاتٍ وكانتْ أمامَ القمرِ مُباشرةً، أخذتْ تنظر إليهِ بسعادةٍ غامرة وهو يبتسم، ثُمَّ حدّثها قائلًا بصوتٍ رخيم:
هيّا صغيرتي لتُحقّقي حلمكِ.
اتسعتْ عيناها في ذهولٍ، فها قد أضحتْ على مقربةٍ من تحقيقِ ما ظنَّهُ الجميع مُحال.
اقتربتْ منهُ ومسحتْ عليهِ ثُمَّ عانقتهُ ليُعطيها بعض ميزاتهِ وتُعطيهِ هي من حنانها!
تحقّقَ الحلم وعادتْ الصغيرة إلى الأرض، ومعها الحكمة التي أهداها إليها القمر.. صغيرتي وبعدَ أنْ حقّقتِ حلمكِ هل تشعرينَ بما أعطيتكِ من مَيزاتٍ؟
أجابتهُ بالنفي، فابتسمَ وتابع:
أنتِ بحدِّ ذاتكِ مَيزة، الميزات كُلّها بداخلكِ لكنَّكِ لم تبحثي عنها جيّدًا.
قالت بعفوية:
لكنَّني قد أعطيتكَ بعضًا من حناني.
ابتسمَ وقال:
لذا فأنا أبتسم، فبعدَ أنْ سرى حنانكِ بجسدي الصلب جعلني أشعرُ بمرونةٍ لم أعهدها من قبل، انظري قد زادَ ضيائي وتوّهجَ نوري بحنانكِ.
تبسمتْ لهُ وأضافتْ:
حسنًا، لكنْ لِمَ حقّقتَ لي حلمي؟
أجابها:
أنا لم أفعل، بل أنتِ هي مَن فعلت؛ حينَ آمنتِ بحلمكِ ووثقتِ بنفسكِ جعلتيني أنصاعُ لأمركِ دونَ إرادتي.
بعض الأحلام صعبة، لكنَّها ليستْ مُستحيلة.. فمَن كانَ لهُ هدفًا مَحى المُستحيلَ من قاموسه.