أمسكتُ قَلمي وقبلَ أنْ أبدأ سَمّيتُ باللَّهِ ثُمَّ دعوتهُ _سبحانهُ وتعالى_ أنْ يفتحَ عليَّ بالحقِّ وهو خيرُ الفاتحين، لكنَّ هذهِ المَرّةَ غير سابقيها؛ فقلمي جامدٌ ويكأنَّهُ حجر، حاولتُ معهُ كثيرًا دونَ فائدة، لم أستسلِم، فحاولتُ وحاولتُ وحاولتُ لكنْ دونَ جدوى.
أخذتُ أنظُرُ إليهِ حتّى دمعتْ مُقلتاي، أهذا قلمي رفيقي وحبيبي؟
أهذا هو مَن زُرِعَ حُبّهُ بقلبي؟
أهذا هو جليسي وأنيسي؟
أهذا هو ما كُنتُ أراهُ أثمنُ مُمتلكاتي؟
قلمي بل بُعيضي ما الذي جَمّدَكَ فعصيتني؟
رُّبما لفُقدانِ الشغف الذي هَجَمَ عليَّ البارحة، حينها تجمّدتَ أنتَ كي تُطمئنهُ فيذهب، لكنَّكَ لم تَعُد إليَّ من حينها وإلى الآن، لا أقوى على مُواصلةِ الحياةِ دونكَ بُعيضي، لذا لن أستسلِم وسأُعلِنُها حربًا على فُقدان الشغف، وأُريدكُ معي صاحبي العزيز.. فهلّا عُدتَ ثانيةً؟
قلمي يا رّبّ، رفيقي يا رّبّ، حبيبي يا رّبّ، اللهمَّ كما جَمُدَتْ بهِ الرَّوح بعِلمكَ فأحيي نشاطهُ بقُدرتكَ وأنتَ على كُلّ شيءٍ قدير.
وبعدَ لحظاتٍ سَمّيتُ باللَّهِ ثُمَّ أمسكتُ بهِ ثانيةً فإذ بهِ قد عادَ كما كان.
يا إلهي قد عُدتَ بُعيضي الحبيب!
لا تحزن حبيبي فمهما حاولَ فُقدان الشغف لن ينالَ مِنّا نَحنُ الإثنان؛ فاللَّهُ معنا ومَن كانَ اللَّهُ معهُ فمَن عليه؟
بالطبعِ لا أحد عزيزي، لذا لا تتركني ثانيةً، فأنا بدونكَ لا أستطيعُ اِخراج مكنون ما أوهبني رَبّي، كُن معي فأنتَ بأمرِ اللَّهِ عُدتَ وبعونهِ ستُلازمني حتّى الموت.
أخذتُ أسطُر بعض الكلمات فرأيتني كتبتُ "كذلكَ قالَ رَبُّكَ هو عليَّ هَيِّن"، فَرِحتُ ببشارةِ رَبّي وقَبِلتُ البُشرى، ثُمَّ قَبّلتُ قلمي قبلَ أنْ أُعاودَ الكتابة مُجدّدًا.
كثيرًا جدًا ما داهمني فُقدان الشغف لكنَّهُ بفضلِ رَبّي لم يَنَل منّي.
وأعودُ بالحديثِ إليكَ بُعيضي الحبيب، يا مَن جادَ عليَّ بكَ المولى عزَّ وجلّ، كُن قويًا لأجلي، لا تفقد الأمل فالأمل باللَّهِ واللَّهُ حَيٌّ لا يموت، ولا تستنفذ طاقتك في التسليمِ لفُقدان الشغف؛ فذاكَ كَالنارِ لا يشبع أبدًا، وأخيرًا حافِظ على رسالتكَ التي خُلِقَتَ لتأديتها فلا رسولَ لها غيرك.. قلمي حماكَ اللَّهُ لي يا بَعضًا منّي.