غَضِبَ منها زوجها فتركَ لها البيت وأقامَ مع والدتهِ ببيتٍ مُجاور، خشيت أن يُطلّقها خاصّةً بعد أن طالَ غيابهِ عنها، فكّرتْ في حلٍّ لكنَّها فَشلتْ، جلستْ لتُشاهدَ أحد البرامج المُتلفزة فجاءها الحلّ على هيئةِ إعلان.
شاهدتْ أحد الدجاجلة يُقوم بعملِ تسويق ذاتي لسابقةِ أعماله، فقد رَدَّ هذهِ المُطلّقة لزوجها، وهَدى ذاك الرجُل لزوجهِ، بالإضافة لقُدرتهِ الهائلة في جعل العاقر حاملًا!
حَفِظتْ رقم هاتفهِ بسجلِّ هاتفها ثُمَّ هاتفتهُ وأخبرتهُ بما حَدَثَ بينها وبينَ زوجها، طلبَ منها الحضور ليتمكنَ من حَلِّ مُشكلتها، وافقتْ وهمّتْ بتجهيز عُدّتها للذهاب.
وصلتْ إلى العنوانِ الذي أرسلهُ إليها عن طريقِ الرسائل، دلفتْ فوجدتْ مئات النساء، أخبرتْ المُساعِدة باسمها وجلستْ، أخذتْ تنظُر إلى هذهِ وتلك حتّى حدّثتها إحداهنَّ بخبرها بأنَّ هذهِ المرّة لم تَكُن الزيارة الأولى للمبروك (الدّجّال)؛ حيثُ جاءتهُ عِدّة مرّاتٍ لها ولجارتها ولصاحبتها، فأمَّا عنها فقد سافرَ زوجها للعملِ خارج مصر وغابَ عنها سنتين، أخبرتهُ بشوقِها لهُ لكنَّهُ أصّرَ ألَّا يأتي إلَّا بعد سداد دينهِ _الذي تداينهُ لإجراءِ عمليةٍ لها_ لم تقبل فأتتْ للمبروك (الدّجّال) ليحُلَّ لها الأمر، أعطاها حِجابًا وأمرها بالقيامِ ببعض الأعمال، بالإضافة لأخذهِ رقم هاتف زوجها منها، وبعدها بأيَّامٍ رَجعَ المُسافر لكن دونَ عودة مرّة أُخرى، فَرِحَتْ بفِعلِ ذلك ثُمَّ رَشّحتهُ لجارتها حينَ فشلتْ مُحاولاتها في الحملِ من زوجٍ عقيم، أتتْ بها إليهِ فكانَ يُعطيها بعض الأحجبة بعد أن يختلي بها، ظلَّ هكذا قُرابةَ شهرٍ وبعدها حملتْ بعد مُحاولاتٍ دامتْ لأكثر من عشرينَ عامًا!
وأمَّا صاحبتها فكانتْ مُشكلتها فريدة من بينِ مشاكلهنَّ؛ حيثُ عانتْ من شعرِها المُتشابك حتّى كرهتْ لأجلهِ التصفيف، فجعلتْ أُمّها تأتي لتقومَ بتلكَ المَهمة بدلًا منها، حاولَ زوجها أن يذهبَ بها لطبيبةٍ مُختصّة لكنَّها أبتْ، ظلّتْ هكذا حتّى زارتْ المبروك (الدّجّال) فأعطاها زُجاجة لخليطٍ من بعض الزيوت الطبيعية فعادَ شعرها كما كانَ وراحَ عنهُ التشابُك.
تعجبتْ فلانة بنت عِلّانة ممّا سَمِعتهُ بل وأنكرتْ تلك الخُرافات؛ فهي الأُستاذة الجامعية ذات الماجستير في الفيزياء أيُعقلُ أن تكونَ هُنا؟!
أمسكتْ حقيبة يدها وأسرعتْ بالخروج، ثُمَّ ابتاعتْ شريحة هاتف بدلاً من القديمة والتي هاتفتْ الدجال عن طريقها، كما ذهبتْ لأُمّها وقَصّتْ عليها ما حَدَثَ فنصحتها بعدّة نصائح، عَمِلتْ بها فعادَ إليها زوجها وصحبتهما السعادة.
لم تكتفي فلانة بنت عِلّانة بذلك فدوّنتْ ما رأتهُ عند ذاك الدجال وما سَمِعتهُ من إحدى زوّارتهِ ونصحتْ بناتِ حوّاء بعدمِ الذهاب إلى الدجاجلة حِفاظاً على شرفها وعِرض زوجها وذويها؛ فقد تبيّنَ فيما بعد أنَّ ذاك الدجال كانَ يسرق من الزائرتِ إليهِ أموالهنَّ وأعراضهنَّ ويفعل بهنَّ ما يجلب لأهاليهنَّ الخزي والعار، وأسدتْ إليهنَّ نصيحة أُمّها: إذا غَضِبَ زوجكِ فلا تجعليهِ يخرج عن شعورهِ، دعيهِ إلى أن يهدأ ثُمَّ تحدّثي معهُ بلُطفٍ فالكلمة الطَيّبة صدقة للعموم والزوج أولى بها عن غيره، كما عليكِ بالتعقُلِ في كافةِ أمور حياتكِ ولتعلمي بأنَّ الحياةَ مليئة بالمتاعب لذا فالزواج يُهوّنها عن طريقِ الشراكة والتي تحصل بالتفاهم، لن تخرب الدنيا إن زار الزوج أُمّهِ التي رَبّتهُ وكبّرتهُ وأعطتهُ لكِ رجُلًا، لتقومي أنتِ أيضًا بزيارتها فهي في منزلةِ أُمّكِ، وأخيرًا لا تُخفي عن زوجكِ شيئًا مهما كانَ صعبًا، لتجعلي الصداقة هي مِفتاح قلبيكما للحديثِ عن ما يجول خاطركما.. عامليهِ بلُطفٍ وارفُقي بهِ يَكُن لكِ كما تَودّين.
الحياة سهلة إن سهلّناها وصعبة إن صّعبناها، لتَكُن البساطة عنوانها، والتفكير السليم أسلوبها، ولننهل من العِلمِ نُريح ونستريح، بدلًا من دحرِ العِلمِ وتعظيم الدجاجلة والسير وراء الخُرافات.
لكُلِّ مُشكلةٍ حلّ، لنبحث عن أسباب حدوثها، كي نهتدي لحلولها ونتفاداها في القادم، ولنُعمِل عقولنا ولا ندعها عُرضة لغررِ الدجاجلة ومَن هُم على شاكلتهم.