حينَ تتذوق حلاوةَ إحساسٍ لم تَذقهُ من قبل، ستعلمُ أنَّهُ إحساسٌ فريدٌ لا يتكرر ثانية؛ إذ الأحاسيسُ نعمةٌ من اللَّهِ _سبحانهُ وتعالى_ لذا وَجَبَ شُكرها بوضعها في موضعها الصحيح.
أنْ تَشُعرَ أنَّ الزمانَ قد وَقَفَ عندَ لحظةٍ بِعَينها دونَ غيرها، أنْ تَرى الدُّنيا وقد أهدتكَ أجملُ ما فيها، أنْ تفرحَ لشعورٍ لم تشعرهُ قبلَ ذاك، أنْ تَرى نفسكَ وقد أصبحَ لديكَ إرثٌ بعدَ أنْ كُنتَ لا تَملِكُ من الدُّنيا شيء، أنْ تَحفَظَ أدّق تفاصيل تلكَ الساعة الجميلة التي جَمَعَكَ بِها اللَّهُ قدرًا بمَن تُحِبّ، فأعلم أنَّ هذا الإحساس لا يتكرر.
حينَ يُهديكَ الرحمٰنُ بأحبِّ القلوبِ إليه، ستعرف أنَّ بعضَ الإرث قلوب؛ فالإرث ليسَ مالًا وعقارًا وغيرهِ من المادّياتِ فحسب، بل هُناكَ إرثٌ من نوعٍ آخر، مُختلف تمامًا عن مفهومِ الإرث السائد، وهو إرثُ القلوب، أنْ تكونَ وريثَ قلبٍ ساقهُ اللَّهُ إليك، ليُريكَ من فضلهِ أنَّ القلبَ يُمكنُ أنْ يُوّرث إنْ أَذِنَ اللَّهُ له، فوضعَ لهُ القَبولَ بقلبٍ آخر.
أنْ يكونَ إرثُكَ من الدُّنيا قلبٌ يُحِبُّ اللَّهَ ورسولهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأعلم أنَّكَ ما فقدتَ شيئًا، بل ما ضاعَ عُمركَ هباءً، يكفيكَ أنْ تكونَ دفينةَ قلبٍ يَنِبض حُبًّا للَّهِ ربّ العالمين.
ولأنَّ القلوبَ بينَ أُصبعي الرحمٰن، لذا فهي على مكنونها تُحِبُّ وتُحَبُّ.
إحساسٌ رائعٌ أنْ يكونَ جُلّ ما تملِكهُ من الدُّنيا.. مُضغةٌ مخفيةٌ بينَ أضلُعِ صاحبها.