تمرّ الأيَّام مرور الماءِ بينَ أصابعِ الرضيع، ولأنَّ الماءَ يصفو أحيانًا ويُصابُ بالكدرِ أحيانًا أُخرى، فهو أقربُ الأشباهِ إلى الأيَّام؛ فهذا يومٌ صافي، وذاكَ يومٌ تمَّ تكديره، وآخرُ مُختلطٌ بينَ هذا وذاك.
لكنْ لا عليكَ أيُّها العابر، فهذهِ دارُ الرحلة، والآخرةُ هي دارُ القرار.
أيُّها العابر لا تحزن على قدرٍ أوجعك، ولا تنكسر لثقلِ الهموم مهما كانتْ، ولا تدع زهرة أملك للذبول.
أيُّها العابر كُن بسومًا تَرى الدُّنيا جميلة بقدرِ جمال بَسمتك، لا تغتمّ ولكَ ربٌّ تعبدهُ وتوّحدهُ، لا تدع خُذلان النفس يتسللُ إليك، لتنظر في دفاترِ اِبتلاءاتك القديمة، وعليهِ خُذ خطوة نحو الأمام.. فإنْ كانَ الرحمٰنُ قد خذلكَ سابقًا سيخذلكَ حاضرًا، وحاشاهُ سُبحانَهُ وتعالى أنْ يخذُلَ عبدًا وثقَ بهِ، وأمَّا إنْ كانَ سُبحانَهُ وتعالى قد نجّاكَ فسيُنجّيكَ منها ومن كُلّ كربٍ وهو أرحمُ الراحمين.
أيُّها العابر نَّقي قلبكَ فهو محلُّ نظر الرحمٰن، وصّفي نيّتُكَ فعليهِ تُحاسَب، وأحسِن لنفسكَ قبلَ غيركَ كما أحسنَ اللَّهُ إليك.
أيُّها العابر قد سَخّرَ اللَّهُ لكَ الأرضَ وما عليها، فكُن واثقاً برَبّكَ وأعلم أنَّ مُرادهُ كُلّهُ خير، لأنَّهُ أهلُ ذاك.
أيُّها العابر تذكّر تكريم الرحمٰن لكَ حالَ النوازل، وكُن مُتفائلًا طموحًا، طامعًا في رحمةِ اللَّهِ الواسعة التي وسعت كُلّ شيء.
أيُّها العابر أنتَ خليفةُ اللَّهِ في أرضهِ.. أليسَ هذا مدعاةً للفخر؟